للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا فُلَان (a) وأصْحَابه فإنَّهم قالوا بخِلَاف هذا. فقال إبْراهيم: لم يَقُل فُلَانٌ (b) بخِلَاف هذا، قال إسْحاق: حَفِظتُه من كتاب جَدِّه، وأنا وهو في كُتَّابٍ واحدٍ. فقال إبْراهيم: أصْلَحكَ اللهُ، كَذَبَ إسْحاقُ على جَدِّي، فقال إسْحاقُ: ليَبْعَث الأَمِيرُ إلى جُزء كَذَا وكَذَا من جَامِعِهِ، فأُتي بالكتَابِ، فجعَل الأَمِيرُ يُقَلِّبُ الكتابَ، فقال إسْحاقُ: عُدَّ من الكتاب إحْدَى عَشْرة وَرَقَةً، ثمّ عُدَّ سَبْعَةَ (c) أسْطُر، ففَعَل فإذا المَسْألَةُ على ما قال إسْحاقُ، فقال الأَمِيرُ عَبْدُ الله بن طَاهِر: قد تُحْفَظُ المَسَائِل، ولكنِّي أعْجَبُ لحفْظكَ هذه المُشَاهَدَة! فقال إسْحاقُ: ليوم مثْل هذا، لكي يُخْزِي (d) اللهُ على يَدِي عَدُوًّا مثْلَهُ.

قال الخَطِيبُ (١): وأخْبَرَنا أبو نُعَيْم، قال: سَمِعْتُ أبا عَمْرو بن حَمْدَان يقول: سَمِعْتُ أبا بَكْر أحْمَدَ بن إسْحاق الصِّبْغِيّ (e) يقول: سَمِعْتُ إبْراهيم بن أبي طَالِب يقول: فاتَني عن إسْحاقَ بن إبْراهيِم الحَنْظَلِيّ من مُسْنَده مَجْلِسٌ، وكان يُمِلّهُ (f) حِفْظًا، فتردَّدْتُ إليه مِرَارًا ليُعيْدَه عليَّ فتَعَذَّرَ، فقَصَدْتُه يَوْمًا لأسأَلَهُ إعَادتَهُ وقد حُمِلَ إليه حِنْطَةٌ من الرُّسْتَاق، فقَال لي: تَقُومُ عندَهُم وتكتُبُ وزنَ هذه الحِنْطَةِ، فإذا فرغْتَ أَعَدْتُّ لك الفائتَ. فقال: ففَعَلْتُ ذلك، فلمَّا فَرَغْتُ عرَّفْتُه، وكان خَرَجَ من مَنْزِله، فمَشَيْتُ معه حتَّى بلَغ باب المَنْزِل، فقُلتُ له فيما وَعَدَ من الفائتِ، فسَألَني عن أوَّل حديثٍ من المَجْلِس فذَكَرْتُه له، فاتَّكَأ على عِضَادَتَي البابِ فأعَادَ المَجْلِسَ إلى آخرِه حِفْظًا، وكان قد أمْلَى المُسْنَد كُلَّهُ من حِفْظه وقَرأه أيضًا من حِفْظه ثانيًا كُلَّهُ.


(a) تاريخ بغداد: وأما أبو حنيفة وأصحابه، والمثبت موافق لما عند ابن عساكر.
(b) تاريخ بغداد: أبو حنيفة.
(c) تاريخ بغداد: تسعة. والعدد المثبث هو ما عند ابن عساكر.
(d) تاريخ بغداد: يجزي.
(e) نسبة إلى الأصباغ وعملها.
(f) تاريخ بغداد: يُمليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>