وشِرْبُ أكْثَر أهْل حَلَبَ من ماءِ قُوَيْق، لأنَّهُ يَجْري إلى أبواب الجِنَان وأَنْطاكِيَة وقِنَّسْرِيْن.
وقُدَّام باب أَنْطاكِيَة رَبضٌ يُعْرفُ بَربَضِ الدَّارَيْن، في وَسَطه قَنْطَرَةٌ على قُوَيْق، كان مُحمَّدُ بن عَبْد المَلِك بن صالح بناهُ، أعْني الرَّبَض، ولم يَسْتَتِّمه، واسْتَتَمَّهُ سِيْما الطَّويل، ورَمَّ ما كان اسْتَهدَم منه وصَيَّرَ عليه بابَ حديد حِذَاء باب أَنْطاكِيَة، أخذَهُ من قَصْرٍ لبَعْضِ الهاشِميِّين بحَلَب، يُسَمَّى قَصْر البَنات، ويُسَمَّى الباب باب السَّلامَة.
قُلتُ: والقَصْر قد كان في الدَّرْب المَعْرُوف بدَرْبِ البنَاتِ بحَلَب، بالقُرْبِ من الصَّنادِيقيّين، وشَرْقي الدَّارَيْن بُسْتان، يُعْرفُ ببُسْتان الدَّار من شمالي مَيْدان باب قِنَّسْرِيْن، وهو الآن وَقْفٌ على المَدْرَسَة النُّورِيَّة الشَّافِعِيّة المَعْرُوفة ببني أبي عصْرُون، وهو مَنْسوبٌ إلى إحدَى الدَّارَيْن اللَّتَيْن ذَكَرهُما أحمدُ بن الطَّيِّب.
قال ابن الطَّيِّب: وشِرْبُ أهْلِ باب أرْبَعين، وأهْل بابِ اليَهُود، وأهلِ الأسْوَاقِ من عُيُون تَجْري على وَجْهِ الأرْض مِقْدَار أرْبعة فَرَاسِخ في موضِع هو أعْلَى من حَلَب، ثمّ تجري على باب اليَهُود على وجهِ الأرْض، وتَسْقِي بَساتيْن الدُّوْر هناك سَيْحًا، ثمّ يكون ما وراء هذا المَوْضِع من حَلَب أسْفل منه فقد عُدِل بعبَّارَة بَنَتْها الرُّوم في الطَّريق، يَجْري الماءُ عليها، فهو في السُّوق، وإنَّما بينهُ وبين باب أربعين (a) رُبْع ميل على عشرة أذْرع من الأرْض.
قُلتُ: يُريدُ بالعُيُون المَذْكُورَة قناة حَلَب الآتية من حَيْلان، وهي تَسْقي داخل باب الأرْبَعِين بُسْتانًا بَطَل وبُني دُوْرًا، وتَسقي بُسْتان اليَهُود باب اليَهُود الّذي هو وَقْفٌ على الكَنِيْسَة.