للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْشَدَني القَاضِي عِمَاد الدِّين عليّ بن عَبْدِ الله التِّلِمْسَانِيّ، قال: أنْشَدَني أَسْعَدُ بن مَمَّاتِىِّ لنفسِه: [من الطويل]

مَرضْتُ فهَلَّا كُنْتَ أوَّل عَائدِي … وغِبْتَ فهَلَّا كُنْتَ أوَّل عَائِدِ

فيا بَيْنُ قد أغْريْتَ بي كُلَّ كَاشِح … ويا بُعْدُ قد أشْمَتَّ بي كُلَّ حَاسِدِ

ولي واحدٌ فرَّقْتَ بيني وبينهُ … فهل تَجْمعُ الأيَّامُ شَمْلي بوَاحدِي

كَتَبَ إليَّ ضِيَاء الدِّين أبو عَبْد الله مُحَمَّدُ بن إسْمَاعِيْل بن أبي الحَجَّاج المِصْرِيّ، يَذكر لي أنَّ عِمَاد الدِّين أبا عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد (a) الأصْبَهَانِيّ أخْبَرَهُ في كتاب خَرِيْدَة القَصْر في شُعَرَاءَ العَصْر (١)، قال: الأَسْعَدُ أبو المَكارِم، أَسْعَدُ بن الخَطِيْرِ مُهَذَّبِ بن زَكَرِيَّاء بن مَمَّاتِيّ، أحدُ الكُتَّابِ بالدِّيْوَان الفَاضِليّ، ذو الفَضْل الجَلىِّ، والشِّعْرِ العَليِّ، والنَّظْمِ السَّويِّ، والخَاطِرِ القَوِيّ، والسِّحْرِ المَانوِيّ، والرَّوِيِّ الرَّويِّ، والقَافيَةِ القَافِية أثرَ الحُسْن، والقَرِيحَة المقتَرحةِ صُوَرَ اليُمْن، والفِكْرة المُسْتَقِيمة على جَدَدِ البَرَاعَةِ، والفِطْنَةِ المُسْتَمدَّة من مَدَد الصِّناعَةِ، شَابُّ للأدَب رَابٌّ، وعن الفَضْل ذَابٌّ، وهو ممَّن شَمِلَتْهُ العِنَايَةُ الفَاضِليَّة، حَسُنَتْ منه البَدِيهَةُ والرَّويَّة.

اجْتَمَعْتُ به في القَاهِرَة، وسَايرَني في العَسْكَرِ النَّاصِرِيّ، وأنْشَدَني من نَظْمِه المَعْنَوِيّ، ما ثَنَيْتُ به خِنْصِر الاسْتِحْسَان، وآذَنتُ لجَوادِه في الإجْراءَ في هذا المَيدَان، وأثبَتُّ منه كُلَّ ما حَلي (b) وحَلَا، وأشْرَف في مَنَارِ الإحْسان وعَلَا، ورَاجَ في سُوق القَبُول وغَلَا، فمن ذلك قَوْله يَصِفُ الخلِيْج يوْم فَتْحه بالقَاهِرَة: [من الوافر]

خَلِيْج كالحُسَام له صِقَالٌ … ولكن فيه للرَّائي مَسَرَّهْ


(a) ساقط من ب.
(b) كذا في الأصل مؤكدة بالحاء المهملة، ومثلها التي تليها، وفي الخريدة: كل ما جلا وحلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>