للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْشَى منَ الأنْفَاسِ تُحْرِقُهُ … فأَكفُّ أنْفَاسِي فأَحْتَرِقُ

ومَتَى هَمَمْتُ بلَثْم وَجْنَتِهِ … سَلَّتْ عليَّ سُيُوفَهَا الحَدَقُ

وحَدَّثَني أسْعَدُ بن يَحْيَى، قال (١): كان صاحبُ آمِد يَهْوَى قَيْنَة، فقال لها يومًا وهو سَكْران: قد سَلَوْتُك، فعَلَّقتْ يَدَها في طَوْقه وقالت مُتَمثِّلةً: [من البسيط]

لتَقْرعَنَّ عليَّ السِّنَّ من نَدَمٍ … إذا تذَكَّرتَ يَوْمًا بعضَ أخْلَاقي

فوَقَعَ في قَلْبهِ من ذلك شيءٌ عظيم، فدَخَلْتُ عليه، فأخْبَرَني بالقِصَّةِ، فقلتُ ارْتِجَالًا، وضمَّن البَيْتَ المتمثَّل بهِ: [من البسيط]

أدرْ كؤوِسَكَ عنِّي أيُّها السَّاقي … وارفُقْ عليَّ فهذا وقْتُ إرْفَاقِ

أمَا تَرَى سَوْرَةَ الصَّهْبَاءَ قد سَلَبَتْ … عَقْلي وقد أسْكَرتني خَمْرُ أشْوَاقي

نارُ الغَرَام وَمَاءُ الدَّمْع قد جُمِعَا … فاعجَبْ له بينَ إحْراق (a) وإغْرَاقِ

لم يُبْق مني هَوَى ليْلَى سِوَى رَمَقٍ … وفي الزُّجَاجةِ باقٍ يَطْلبُ البَاقي

قالت وقَد قلتُ في سُكْرٍ أُمَازِحُها: … سلَوْتُ عنكِ فمدّتني بأطْوَاقي (b)

لتَقْرعَنَّ عليَّ السِّنَّ من ندَمِ … إذا تذكْرْتَ يَوْمًا بعض أخْلَاقِي

وعُدْتُ مُعْتَذرًا مَمَّا جنَيْتُ وقد … قامَتْ وقد قامَتِ الدُّنْيا على سَاق

هكذا أنْشَدَنيْهِ: لم يُبْق منِّي هَوَى لَيْلى، وكنَّى بلَيْلَى عن أَيْشِي وهو اسْمُ القَيْنَة.

وأنْشَدَني البَهَاء السِّنْجَارِيّ لنفسِه من قَصِيدَة: [من الطويل]

أقَامَ وما دُوْنَ العُذَيْب مَقَامُ … وَلِيْمَ فما أجْدَى عليهِ مَلَامُ

وظَنَّ النَّوَى يَشْفِي الفُؤَادَ من الجَوَى … وهَيْهاتَ أنْ تشْفِي السَّقَام سَقَامُ


(a) ابن الشعار: إعراق.
(b) ابن الشعار: بإطراق.

<<  <  ج: ص:  >  >>