للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسَّوَادِ. وليس للحَدِيْث أصْلٌ، لأنَّ الرَّجُل كان (a) مُخَرِّبًا ليس بنَّاءً.

وقال (١): لمَّا فرَغ الإسْكَنْدَرُ من قَتْلِ الأشرَافِ وذوي الأقْدَارِ من الفُرْس، واسْتَولَى على تَخْريبِ المُدن والحُصُون، ووصَلَ إلى ما أراد، كَتَب إلى أَرُسْطَاطَالِيْس: إنِّي وَتَرْتُ جميعَ مَنْ بالمَشْرِق بقَتْلي مُلُوكَهم، وتَخْرِيبي معَاقلَهُم وحُصُونَهُم، وقد خَشِيْتُ أنْ يتَضَافَروا (b) من بَعْدي على قَصْدِ بلادِ المَغْرب، فهَمَمْتُ أنْ أتتَبَّع أوْلَادَ مَنْ قَتلْتُ من المُلُوك فأجْمَعَهُم وأُلْحقَهم بآبائهم، فما الرَّأيُ قِبَلَكَ؟ نَخَبَ إليهِ: إنَّك إنْ قَتَلْتَ أبناءَ المُلُوك أفْضَى (c) المُلْكُ إلى السِّفَلِ والأنذَالِ، والسِّفَلُ إذا مَلكُوا قَدَرُوا، وإذا قَدَرُوا طَغَوا وبَغَوا وظَلَوا واعْتَدَوا، وما يُخْشَى من معرَّتهم أفْظَعُ، والرَّأيُ أنْ تَجْمعَ أبناءَ المُلُوك فتُمَلِّك كُلّ واحدٍ منهم بَلَدًا واحِدًا، وكُورَةً (d) واحدةً من البُلْدان، فإنَّ كُلّ واحدٍ منهم يُشَاحُّ الآخرَ على ما في يَده، فيتوَلَّدُ (e) من أجْلِهِ العَدَاوَةُ والبَغْضَاءُ بينهم، فيقَعُ لهم من الشُّغْلِ بأنْفُسِهم ما لا يتفرَّغُونَ عنهُ إلى مَنْ نَأى عنهم من أهل المَغْرب. فعندها قسم الإسْكَنْدَر بلاد المَشْرِق على مُلُوك الطَّوَائف، ونَقَل عن بُلْدانهم عِلْمَ النُّجُوم والطِّبّ والفَلْسَفَة والحرَاثَة إلى بُلْدان المَغْرب، بعد أنْ حوَّلَها إلى اليُونانيَّةِ والقِبْطيَّةِ.

فلمَّا هَلَك الإسْكَنْدَرُ، وحَصَلَت البِلادُ في أيْدي الطَّوَائف، رَفَعُوا الحَرْبَ والتَّجاذُبَ عمَّا (f) بينهم، فكان الواحدُ منهم (g) إنَّما يَغلبُ الآخر بالمَسَائِلِ العَويصَةِ، ففي أيَّامِهم وُضعَتِ الكُتُبُ الّتي هي في أيْدي النَّاس مثلُ: كتابِ مَرْوَكَ، وكتابِ


(a) الأصبهاني: لأنه كان.
(b) الأصبهاني: "يتظافروا". وهى مما يقال بالوجهين، بالضاد والظاء.
(c) ب: أقضى، الأصبهاني: انتقل.
(d) الأصبهاني: أو كورة.
(e) ب: فسأكد، مهملة النقط.
(f) الأصبهاني: فيما.
(g) ساقطة من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>