للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُريَة في ابن النَّقُّور - يعني لكَثْرة مُلَازمته له وسَمَاعه منه - فقَلَّ جُزءٌ قُرئ على ابن النَّقُّور إلَّا وقد سَمِعتُه منهُ مِرَارًا.

وبقي إلى أنْ خَلَتْ بَغْدَاد، وصَارَ مُحَدِّثَها كثرةً وإسْنَادًا، حتَّى صَار يطلبُ العِوَضَ على التَّسْميع بعد رَغْبَته - كانت - إلى أصْحَاب الحَدِيْث في السَّمَاع، وحرصه على إسْمَاعِ ما عندَه، وأمْلَى في جَامع المَنْصُور زِيَادَةً على ثَلاثمائةِ مَجْلِسٍ في الجُمُعَاتِ بعد الصَّلاة في البقعَة المنسُوبَة إلى عَبْدِ الله بن أحْمَد بن حَنْبَل.

وكان مَبْخُوتًا في بَيْع الكُتُب، باعَ مرَّة صَحيحَ البُخاريّ، وصَحيح مُسْلِم في مُجَلَّدةٍ لَطِيْفة بخَطِّ أبي عَبْد الله الصُّوْرِيّ الحافِظ (a) بعشرين دِيْنارًا، وقال لي: وَقَعَتْ عليَّ هذه المُجَلَّدة بقِيْرَاطٍ لأنَّني اشْتريها وكتابًا آخر معها بدِيْنارٍ وقِيْرَاط، فبعْتُ ذلك الكتابَ بدِيْنارٍ، وبقيَت هذه المُجَلَّدة بقِيْرَاطٍ.

وكان قد قَدِمَ دِمَشْق سَنَة نيِّف وثَمانين زَائرًا لبَيْت المَقْدِس، فزَارَها وسَمعَ بها من جَمَاعَةٍ، وسَمِعَ بدِمَشْقَ نَصْر بن إبْراهيم المَقْدِسِيِّ، وحَدَّثَ بدِمَشْقَ في دَار أبي الحَسَن بن أبي الحَدِيد، فسَمعَ منه أبو الحسَن (b) بن أبي الحَدِيْد، وأبو مُحَمَّد بن صَابِر، ثمّ رجع إلى بَغْدَاد.

أخْبَرَنا أبو هاشِم بن الفَضْل العبَّاسيّ الصَّالِحِيّ، قِراءَةً عليهِ بحَلب وأنا أسْمَعُ، قال: أخْبرَنا الإمَامُ أبو سَعْد عَبْدُ الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، قال: إسْمَاعِيْل بن أحْمَد بن عُمَر بن أبي الأشْعَث السَّمَرْقنديّ بن أبي بَكْر المقرِئ، كان يَسْكُن بابَ المَرَاتِب الشَّرِيْفَة بعدَ أنْ سَكَن خَرَابة الزَّيْنَبِيِّيْن، شَيْخٌ كبيرٌ ثِقَةٌ، حافظٌ مُتْقِنٌ، سَمِعَ الكَثِيْرَ بنَفْسه، ونَسَخ بخَطِّه، وجَمعَ الشُّيُوخَ وسَمعَ منهم، وصارَت أُصُول البَغْدَاديِّيْن من أَكثَرها له، نَقَلَ وحَمَل عنه الكَثِيْر، واشْتَهر بالرِّوَايَة والذَّكَاءِ،


(a) ساقطة من ب.
(b) تاريخ ابن عساكر: أبو الحسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>