للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء (١)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بنُ مُحَمَّد الطَّالَقَانِيّ، قال: حَدَّثَني فَضْل اليَزِيْدِيّ، عن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل بن صُبَيْحٍ، قال: قال الرَّشِيْد للفَضْل بن يَحْيَى، وهو بالرَّقَّة: قد قَدِمَ إسْمَاعِيْل بن صالح بن عليّ وهو صَدِيْقُك، وأُرِيْدُ أنْ أراهُ، فقال له: إنّ أخاهُ عَبْد المَلِك في حَبْسكَ، وقد نَهَاهُ أنْ يَجِيئكَ، قال الرَّشِيْدُ: فإنِّي أتعَلَّلُ حتّى يَجِيْئَني عَائدًا، فتَعَلَّلَ، فقال الفَضْل لإسْمَاعِيْل: ألَا تعودُ أَمِيرَ المُؤْمنِيْن؟ قال: بَلى، فجاءَهُ عائدًا، فأجْلَسَهُ ثم دعا بالغَدَاءِ، فأكَل وأكَلَ إسْمَاعِيْلُ بينَ يَدَيْهِ، فقال له الرَّشِيْدُ: كأَنِّي قد نَشطْتُ برُؤْيَتكَ إلى شُرْب قَدَح، فشربَ وسقَاهُ، ثمّ أمَرَ بإخْراج جَوَار يُغَنَّين وضُرِبَتْ سِتَارة، وأمرَ بَسْقْيهِ، فلَّا شربَ أخَذَ الرَّشِيْدُ العُوْدَ من يد جَارِيَةٍ (a) ووضَعَهُ في حَجْر إسْمَاعِيْل، وجَعَل في عُنُقِ العُوْدِ سُبْحَةً فيها عَشْرُ دُرَّاتٍ اشْتَراها بثلاثين ألف دِيْنارٍ، وقال: غَنِّني يا إسْمَاعِيْل، وكَفِّرْ عن يَمِيْنكَ بثَمن هذه السُّبْحَة. فانْدَفَع فغَنَّى بشِعْر الوَلِيدِ بن يَزِيد في غَالِيَة (b) أُخْت عُمَر بن عَبْد العَزِيْز، وكانت تحتَهُ، وهي الّتي يُنْسَبُ إليها سُوقُ غَاليَة بدِمَشْقَ (٢): [من الطويل]

فأُقْسِمُ ما أدْنَيْتُ كفِّي لرِيْبَةٍ … ولا حَمَلَتْني نحوَ فاحشَةٍ رِجْلِي

ولا قادَني سَمْعِي ولا بَصَري لها … ولا دَلَّني رأيٌ عليها ولا عَقْلي

وأعْلَمُ أنِّي لم تُصِبْنِي مُصِيْبَةٌ … من الدَّهْرِ إلَّا قد أصَابَتْ فَتَىً قَبْلِي

فسَمعَ الرَّشِيْدُ أحْسَنَ غِنَاءٍ من أحْسنِ صَوْتٍ، وقال: الرُّمْحَ يا غُلَام،


(a) ب: جاريته.
(b) في الأصل وابن عساكر بالعين المهملة: عاليه، ومثله في تاليه، والمثبت بالغين المعجمة من ب والمعافى والإتليدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>