للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال لي الشَّيْخ عليّ بن أبي بَكْر الهَرَوِيّ في ذِكْر مَدِينَة أَنْطاكِيَةُ (١): وهي من المُدُن التي كانت يَتَسلَّى بها الغريبُ عن وَطَنه. وأمَّا اليوم فلا يُعنَي لكَرْبها صائمٌ.

ونَقَلْتُ من كتاب البُلْدان، تأليف أحمد بن أبي يَعْقُوب بن وَاضِح الكَاتِب (٢): ولجُنْد قِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم من الكُوَر: كُورَة أَنْطاكِيَةُ، وهي مَدِينَةٌ قديمةٌ، يقال إنَّه ليس في أرْض الإسْلام، ولا أرض الرُّوم مثلها، أجَلّ ولا أعْجب سُورًا، عليها سُور حِجَارَة، في داخل السُّور منازل تسير فيها الرُّكبان.

وبلَغَنِي أنَّ مساحة دَوْر السُّور، وهو يُحيط بالمَدِينَة وبالجبل الّذي المَدِينَة في سَفْحه إثنا عشر مِيْلًا، وافْتُتحَتْ مَدِينَة أَنْطاكِيَةُ صُلْحًا؛ صالَحهم أبو عُبَيْدَة بن الجَرَّاح، وعندَهُم كتاب الصُّلْح إلى هذه الغاية، وبها الكَفّ الّتي يُقال إنَّها كَفُّ يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء عَليه السَّلامُ في كَنِيْسَة يُقالُ لها كَنِيْسَة القُسْيَان.

ولها نَهْرٌ يُقالُ لهُ الأُرُنْط، عليه العِمَاراتُ والأجِنَّة. ولها عُيُون كَثِيْرة تأتي من الجَبَل، ثمّ تَجْري في مَنازل المَدِينَة، ويُصَرَّفُ الماءُ فيها كيف أحبّ أهلها.

وأهلُها الغَالِبونَ عليها قومٌ من العَجَم، وبها قومٌ من ولد صالحِ بن عليّ الهاشِميّ، وقومٌ من العَرَب من يَمَن.

قَرَأتُ في كتاب أبي إسْحَاق إبْرَاهِيْم بن الحَسَن بن أبي الحَسَن الزَّيَّات الفَيْلَسُوف، المُسَمَّى نُزْهَة النُّفُوس وأُنْس الجَلِيْس، في ذِكْر المُدُن والأقالِيْم، فقال: ذِكْر مَدِينَة أَنْطاكِيَةُ: وهي في الإقْليم الرَّابِع، وبُعْدُها من خطِّ الاسْتواء ستَّةٌ وثلاثون درجةً، وهي مَدِينَة قديْمةٌ، وليس في أرْض الإسْلام ولا في أرْض الرُّوم مثلها، ولها سُور من حِجَارة، ودَوْرُها اثنا عَشر مِيْلًا، وبُعْدُها عن خَطّ المَغْرب اثْنَتان وستُّون دَرَجَة. افْتَتَحَها أبو عُبَيْدَة بن الجَرَّاح صُلْحًا، وعندَهُم الآن كتاب الصُّلْح،


(١) كلام الهروي هذا مُدرج في كتابه الزيارات ٦.
(٢) هذا النقل مما ضاع من كتاب ابن واضح اليعقوبي وحفظه ابن العديم.

<<  <  ج: ص:  >  >>