للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَعرٍ ونَتْفه، وتَخْريق ثَوْبٍ وتَمْزيقُه وفَتْقُه فلا، وهو بريءٌ ممَّن فَعل شيئًا - ذلك كما تُوفِّي النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم - بينهم (a).

وأوْصَى أنْ يُعَجَّلَ تَجْهيزُهُ وغَسْلُه وتَكفينُه وحَمْلُه إلى حُفْرَته، ولا يُحْبَسُ (b) ولا يُبطَأُ به، وإنْ ماتَ ضَحْوَةَ النَّهَار، أو وَقْت الزَّوَال، أو بُكرةً، فإنَّهُ لا يُؤخَّر تَجْهيزهُ إلى الغَد، ولا يُتْركُ مَيِّتًا بين أهْلِهِ باللَّيْل أصْلًا، بل يُعَجّل أمرهُ، فَيُنْقَل إلى حُفْرته نَقلًا بعد أنْ يُغْسَل وِتْرًا، ويُجْعل في آخر غَسْلةٍ من غَسلاته كَافُور، ويُلَفّ (c) في ثلاثة أثْوَاب بيضٍ سَحُوليَّةٍ إنْ وُجِدَتْ، فإنْ لم تُوجَد سَحُوليَّةً كُفِّنَ في ثلاثة أثْوَابٍ بيضٍ ليس فيها قَمِيْصٌ ولا عِمَامَةٌ، ويُجَمَّر كَفَنُه وِتْرًا لا شَفْعًا قبل أنْ يُلَفَّ عليه، ويُسْرعَ بالسَّير بجنازَته، كما أمَرَ بهِ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويُحْمل للصَّلَاة عليهِ إلى مَيْدَان الحُسَين، ويُصَلِّي عليه ولَدُه أبو نَصْر إنْ كان حَاضِرًا، فإنْ عَجزَ عن القيام بالصَّلاة (d) عليهِ فأمرُ الصَّلاة عليه إِلى أخيهِ أبي يَعْلَى، ثُمَّ يُرَدَّ إلى المَدْرَسَة، فيُدْفَن فيها بين يَدَي والده الشَّهِيْد رضِيَ اللهُ عنهُ، ويُلْحَد له لَحْدًا، ويُنْصَب عليه اللّبِنُ نَصْبًا، ولا يُشَقُّ له شَقًّا، ولا يُتَّخذ له تَابُوت أصْلًا، ولا يُوضَعُ في التَّابُوت للحَمْل إلى المُصَلَّى، وليُوضَع على الجنازَة، مَلفُوفًا في الكَفَن مُسَجًّى بثَوْب أبيض ليس فيه إبْرَيْسَمٌ بحالٍ، ولا يُطَيَّن قَبْره ولا يُجَصَّصُ، ويُرشُّ عليه الماءُ، وتُوضَعُ عليه الحَصَا، ويُمْكَث عند قَبْره مِقْدَار ما يُنْحَر جَزُور ويُقسَم لَحمهُ حتَّى يَعْلَم ما يُرَاجِعُ به رُسُل رَبِّهِ جَلَّ جَلَالُهُ، ويُسْألُ الله تعالَى على رَأسِ قَبْره له التَّثْبيت الموعُودَ لُجْملَة المُؤْمنِيْن في قَوْله تعالَى {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} (١)، ويُسْتَغْفَر له


(a) كذا في الأصل وب، وعند السبكي: وهو بريءٌ ممن فعل شيئًا من ذلك، كما برئ النبي صلى الله عليه وسلم منهم.
(b) قوله: "ولا يحبس" ساقط من ب.
(c) السبكي: ويكفَّن.
(d) ب: عجز بالقيام عن الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>