للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زُطِّ البَصْرَة والسَّيابِجَة (a)، وأنْزَل بعضهم أَنْطاكِيَةُ. قال أبو حَفْصٍ: بأَنْطاكِيَة محلَّةٌ تُعْرفُ بالزُّطِّ، وببُوْقَا من عَمل أَنْطاكِيَةُ قومٌ من أولادهم يُعرفُونَ بالزُّطِّ، وقد كانَ الوَلِيد بن عَبْد المَلِكُ نقَلَ إلى أَنْطاكِيَةُ قَوْمًا من زُطِّ السِّنْد ممَّن حَمَلَهُ مُحمَّد بن القَاسِم إلى الحَجَّاج، فبَعَثَ بهم الحَجَّاجُ إلى الشَّام.

أخْبَرَنَا أبو هاشِمِ عَبْد المُطَّلب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشمِيّ مُشَافهةً، عن أبي سَعْدٍ عَبْد الكَريم بن مُحمَّد السَّمْعاني (١)، قال: أَنْطاكِيَةُ هي من أحْسَن البلَاد في تلك النَّاحية، وأكثرها خَيْرًا، اسْتَولَى عليها الفِرِنْجُ، وهي في أيْدِيهم السَّاعَة، وهي دار مَمْلكتهم، والدَّواء المُسْهِلُ الّذي يُقالُ لهُ: الأنْطاكِيّ مَنْسُوبٌ إلى هذه البلْدَة، المَعْروف بالسَّقَمُونْيا، ولا يكُون ببلَدٍ إلَّا بهذه البلْدَة، وقيل إنَّ هذه الآية في (b) أَنْطاكِيَةُ: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ} (٢). وبها قَبْر حَبِيْب النَّجَّار في السُّوق؛ كانَ بها، ومنها جَماعةٌ من العُلَمَاءِ المَشْهُورين قَدِيمًا وحَدِيثًا.


(a) في نشرة البلاذري: السباتجة، وصوابه المثبت؛ وهم قوم أرجع بوزورث موطنهم الأصلي إلى بلاد ملبار (جنوب غرب الهند)، فكانوا يقيمون قبل الإسلام على السواحل، بينما يقيم الزط بالطفوف (جانب البر) حيث يتتبعون الكلأ، فنزلوا البصرة فلما اجتمعت الأساورة والسيابجة والزط توزعت بين قبائل بني تميم واشتركوا في بعض الحروب حتى كان خلاف ابن الأشعث على الحجاج سنة ٨٣ هـ / ٧٠٢ م، فكان الزط ومن لف لفهم إلى جانب ابن الأشعث، ولما انتهى الحجاج من أمر ابن الأشعث وقتله، هدم دور الأساورة والزط والسيابية وأجلى بعضهم، قيل: إنَّ الحجاج أجلاهم إلى جنوب كسكر فغلبوا على البطيحة وتناسلوا بها، وانضم إليهم من الموالي والعبيد الهاربين من أسيادهم، فغلب اسم الزط على جميع هؤلاء، وعلى هذا فإن ابن خلدون لما عرّف الزط تجاوز عن ذِكْر أصولهم واكتفى بالقول: "إنهم أخلاط من الناس، غلبوا على طريق البصرة وعاثوا فيها وأفسدوا البلاد". انظر عنهم: البلاذري: فتوح البلدان ٣٦٧ - ٣٦٨، ابن خلدون: العبر ٥: ٦٣٠، ٥٧٤ Bosworth، El ٢، Al - Zutt، Xl، P.
(b) أنساب السمعاني: نزلت في، وهي كلمة وردت في نسخة واحدة من أصوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>