للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَتْمًا على خَلْقِه - أنْ يُبْدَأَ (a) من تركَتِهِ بكَفَنِهِ وحَنُوطِه، وما لا بُدَّ منهُ في تَجْهِيزه بالسُّنَّة والمَعْرُوف، ثمّ يُقْضَى دَيْنهُ، ويُترَضَّى غُرَماؤه، ثمّ يُخْرَجُ من جميع ما خَلَّفَهُ من العَيْن والدَّيْن والكُتُب جميع مالِهِ ممَّا ماتَ عنه من سَائر أمْلَاكه من دُورٍ وأراضٍ، وغيرِ ذلك، ثُلُث جَمِيعهِ تامًّا وافيًا كَملًا (b) فيُتَصَدَّق به على فُقراء المُسْلمِيْن من أهْلِ العَدْل والتَّوْحِيد؛ المُعْتَزِلة منهم، والزَّيْدِيَّة، والهَارُونِيَّةِ، يُخْرَجُ ذلك عن سَائر حُقُوق اللهِ الواجبَةِ كانت عليه، اللَّازِمَة له؛ من زَكَاةٍ وَاجبة، أو نَذْرٍ، أو كَفَّارَة، أو صَدَقَةٍ وَاجِبةٍ، لَزِمَهُ في حال حَياته صَرْفُها إلى الفُقَرَاءِ، وعن سَائر القُرَب اللَّازِمَةِ كانت له، قَلَّ أو كَثُر، ممَّا سُمِّي أو لم يُسَمّ.

وأسْنَدَ وصيَّتَهُ هذه إلى فُلَان وفُلَان، وأوْصَى إليهما وإلى المُسْلمِيْن عامَّةً بأنْ يَبَرُّوه بما أمْكنهم من وُجُوهِ البِرّ من حَجٍّ، أو عُمْرةٍ، أو زيَارة قَبْر النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو غيره من قُبُور الأنْبِياء والأئمَّة والصَّالِحين، أو صَدَقَةٍ، أو قراءةِ قُرآن، أو غير ذلك ممَّا يَجُوز أنْ يُبَرَّ به المَيِّتُ بعدَ وَفَاتِه على ما يُسوِّغُه الشَّرْعُ، أو يَدْعُوَ له بأدْعِيَةٍ حَسَنَةٍ صَالِحةٍ، ليَغفرَ اللهُ ذنُوبَه من صَغِير أو كَبير بعدما تابَ ونَدم على جميع ما تَرَكَ من الوَاجبات، أو أتَى من المُقَبَّحات لقُبْحها، وعَزَم على أنْ لا يَعُود إليها.

وأوْصَى أنْ يَسْتَحلُّوا له كُلَّ مَن عَرَفُوا، أو ظَنُّوا أنَّ له تَبِعَةً أو حَقًّا عندَهُ. وأنْ يقُومُوا بحقِّ اللهِ، وكُلِّ ما أوْصى به. وأنْ يَحْذَروا تأخيرَ ما يُمْكِن تَعْجيْلُهُ، والتَّهاونَ بما يجب الجِدُّ والانْكِماشُ فيه، فقَبِلَ ذلك كُلّهُ فُلَان وفُلَان بعد أنْ قُرئ عليهما الكتابُ، فعَرفا ما فيه، واعْتَرَفا بصحَّته، وذلك في صِحَّةٍ من عَقْلهما وبَدَنهما، وجَوَاز أمْرهما، طَائعَيْن غير مُكْرَهَين، وذلك في شَهْر رَبِيع الآخر من سَنَة ثَلاثٍ وأرْبَعين وأرْبَعِمائة.


(a) ب: يبدأوا.
(b) ب: كاملًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>