للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْبَأنَا عَبْد المُحْسِن بن عَبْد الله الخَطِيب، عن أبي عَبْد الله الحُسَيْنُ بن نَصْر بن خَمِيْس، قال: أخْبَرَنَا أبو المَعَالِي ثابتُ بن بُنْدَار بن إبْرَاهِيْم البَقَّال، قال: أخْبَرَنَا أبو عَليّ الحَسَن بن الحُسَيْنُ بن دُوْمَا النِّعَالِيّ، قال: أخْبَرَنَا أبو عَليّ مُحمَّد بن جَعْفَر بن مَخْلَد البَاقَرْحِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو مُحمَّد الحَسَن بن عَلُّويَة القَطَّان، قال: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيْل بن عِيسَى العَطَّار، قال: حَدَّثَنَا إسْحَاق بن بِشْر أبو حُذَيْفَة، عن ابن سَمْعَان، قال: بلَغَني عمَّن له علمٌ بالعِلْم الأوَّلِ أنَّ كُلّ رجُل بعثَهُ سَمْعُون بعد عِيسَى إلى أُناسٍ أو بَلْدةٍ، أقام عندَهُم حتَّى ماتَ في بلادهم، واتَّبَعُوه ما خلا يُحْنَّى وتُومان؛ بُعثَا إلى أَنْطاكِيَةُ فلم يُجيبُوهما، وقَتَلُوا مَنْ آمنَ بهما واتَّبَعَهُما، وَعَدَوا عليهما، وأرادُوا قَتْلَهُما، وقَتَلُوا حَبِيبًا النَّجَّار، فأخذَهُم اللهُ بالصَّيْحَة. وكانت أوَّل مَدِينَة أَهْلكَها اللهُ بعد عِيسَى أَنْطاكِيَةُ.

قال أبو حُذَيْفَة إسْحَاق بن بِشْرٍ: وقال الحَسَنُ: إنَّ مَدِينَة أَنْطاكِيَةُ من مَدائِن جَهَنَّم.

قُلتُ: ظَنَّ أبو حُذَيْفَة أنَّ الحَسَن أرادَ بقوله: إنَّ مَدِينَة أَنْطاكِيَةُ من مَدَائِن جَهَنَّم، أَنْطاكِيَةُ الشَّام، فذَكَر ذلك عَقِيبَ ذِكْر حبيب النَّجَّار وأخذ أهل أَنْطاكِيَةُ بالصَّيْحة، وليس الأمر كذلك؛ بل المُراد من أَنْطاكِيَةُ التي ذكَرَها الحَسَن: أَنْطاكِيَةُ المُحْتَرِقة، وهي أَنْطاكِيَةُ الرُّوم، لِمَا نَذْكره ونُبَيِّنَهُ، وأخْذ أهل أَنْطاكِيَةُ بالصَّيْحة لعُتُوِّهم وتَكْذيبهم، لا يدُلُّ على عَدَم الفَضِيْلة، فإنَّ مَكَّة أشْرَف البِقَاع وقد كذَّب أهلُها رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، فانْتَقَم الله منهم، ونصَره عليهم، بل عُقُوبَة الجاني في الموضِع الشَّريف ألْيَق بحال الجاني، ألَا ترَى إلى أصْحاب الفِيْل كيف انْتَهَكُوا حُرْمَة الحَرَم؟ فأهلكَهُم اللهُ تعالَى كما أَخْبَر في كتابهِ بقَوْله تعالَى: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (١)، فكان ذلك


(١) سورة الفيل، الآيات ٣ - ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>