للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: ما دعاهُ إلى هذا؟ قيل: أراد أنْ يُذلَّ نَفسَهُ، قال: أمَا كانت صِنَاعَهُ قبل هذا؟ قيل: بلى، كان يبيعُ الجِرَار، فقال: لقد كان له في بَيع الجِرَار من الذُّلّ ما يُغْنيه عن الحِجَامَةِ.

أخْبَرَنا أبو الحسَن بن أبي عَبْد اللّه بن أبي الحَسَن البَغْدَاديّ بالقَاهِرَة، قال: أنبَأنَا أبو الفَضْل مُحَمَّد بن نَاصِر بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أَيُّوب البَزَّاز (a)، وأبو الفَضْل أحْمَدُ بن الحَسَن بن خَيْرُون، قالا: أخْبَرَنا أبو عليّ الحَسَن بن أحْمَد بن شَاذَان، قال: أخْبَرَنا أبو عليّ الطُّوْمَارِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو العبَّاسِ أحْمَد بن يَحْيَى ثَعْلَب، قال: حَدَّثَنا أبو العبَّاس المُبَّرَدُ، عن الرِّيَاشِيّ، قال: أقْبَل أبو العَتَاهِيَة ومعه سَلَّةُ مُحَاجِمِ، فجلَس إلينا وقال: لستُ أبرَحُ أو تأتُوني بمَن أجْجمُه، فجئناهُ ببعض عَبِيْدِنا فَحجَمَهُ، ثمّ أنْشَأ يقُول (١): [من الطويل]

ألا إنَّما التَّقْوَى هي العِزُّ والكَرَم … وحُبُّكَ للدُّنْيا هو الذُّلُّ والعَدَمْ

وليسَ على عَبْد تَقيّ نَقِيْصَةُ … إذا صَحَّحَ التَّقْوَى وإنْ حَاكَ أو حجَم

قَرَأتُ في كتاب المُستَنِير للمَرزُبَانيّ (٢)، وأنبَأنا بهِ أحمدُ بن أَزهَر، عن مُحمَّدِ بن عَبْد البَاقي (b)، عن أبي مُحَمَّد الجَوهَرِيّ، عنهُ، قال: وأخبَرَني الحُسَين بن مُحَمَّد العَرَمرَم، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن يَزِيد النَّحْوِيّ، قال: كان أبو العَتَاهِيَة يَبِيع الجِرَار بالكُوفَة، وكانت له ابْنَتَان سَمَّى أحدَهمُا: باللّه، والأُخرى: للّهِ، فخَطَب أحدَيْهما مَنْصُورُ بن المَهْدِيّ، فلم يزوِّجه أبو العَتَاهِيَة، وقيل: إنَّما مالَتْ نفسُه إليها لأنَّها بنْتُ أبي العَتَاهِيَة وأنَّ اسمها للّه، وكأنِّي به في غدٍ قد مَلَّها وضَامَهَا، فلم يكُن إلى الانْتصافِ منهُ سَبيل، وما كنتُ لأزَوِّجَها (c) إلَّا بائعَ جِرَارٍ لا يطُول عليها، ولكنِّي أخْتَاره مُوْسِرًا.


(a) في الأصل، ب: البزار، بالراء.
(b) ب: زاهر بن عبد الباقي.
(c) ب: أزوجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>