للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِسَّمَّاك، قال: حَدَّثَنَا أبو القَاسِم بن إبْراهيم بن سُنَيْن، قال: أنْشَدَني مُحَمَّدُ بن أبي رجَاءٍ لأبي العَتَاهِيَة (١): [من الطويل]

ألَا أيُّها القَلْبُ الكَثِيْرُ عَلَائقُهْ … ألَم تَرَ أنَّ (a) الدَّهْرَ تَجْري بَوَائقُهْ

تُسَابِقُ ريْبَ الدَّهْر في طَلَب المُنَى (b) … بأيّ جَنَاحٍ خِلْتَ أنَّك سَابِقُهْ

وتُرْخي على السُّوءِ السُّتُور … وإنِمَّا تقلب في عِلْم الإله خَلَائِقُهْ

ألَا أيُّها الباكي على المَيْتِ (c) بعدَهُ … رُوَيْدَكَ لا تَعْجل فإنَّك لَاحقُه

رُوَيْدَكَ لا تَنْسَ المَقَابِرَ والبِلَى … وطَعْم حُسَا المَوْت الّذي أنتَ ذَائقُه

فما المَوْتُ إلَّا سَاعةٌ غير أنَّهُ (d) … نَهارٌ ولَيْلٌ بالمَنَايا تُسَاوِقُه

إذا حَلّ من قد كُنْتَ تُدنيْهِ قَبْرَه … فما هو إلَّا الدَّفْن ثُمَّ تُفَارِقُه

وما تخْطبُ السَّاعَات إلَّا على الفَتَى … تُغَافصُه طورًا وطورًا تُسَارِقُه

فأيَّ هَوًى أو أيَّ لَهْو أصبْتَهُ … على لذَّة (e) إلَّا وأنْتَ مُفَارِقُه

إذا اعْتَصَم المَخْلُوقُ من فِتَن … الهَوَى بخَالقهِ نَجَّاهُ منهُنَّ خالقُه

ومَنْ هانَتِ الدُّنْيا عليه فإنَّنِي … ضَمِنْتُ لهُ (f) أنْ لا تُذَمَّ خَلَائِقُه

ومَن ذَا الّذي يَخْشى من النَّاَسِ فَاقَةً … ورَزَّاق هذا الخَلْق ما عَاشَ رازقُه

أيا نَفْسِ فارضَي بالإلهِ فإنَّهُ … مَغارِبُه لي عَرْضُهُ ومَشَارقُه

أرَى صَاحِبَ الدُّنْيا مُقيْمًا بجَهْلهِ … على ثِقَةٍ من صَاحبٍ لا يُوَافِقُه

هي الدَّارُ دارٌ تَسْتَذِلُّ عَزِيزَها … وإِن كان مغْشِيًّا عَظيْمًا سُرَادِقُه

إذا نَطَق النّطاقُ فيها برغْبةٍ … تعَرَّفتَ فيها الذُّل حين تُنَاطقُه


(a) ديوانه: هذا.
(b) ديوانه: الغنى.
(c) ب: الموت.
(d) ديوانه: أنها.
(e) ديوانه: على ثقة.
(f) ديوانه: له ضامن.

<<  <  ج: ص:  >  >>