بها بعدَ مَوْت أبيهِ إلى أنْ وَلِيَ أخوه المَلِكُ الأشْرَف مُوسَى دِمَشْق في سَنَهَ ستٍّ وعشرين وسِتّمائة، فانْضَمَّ إليه، فاسْتَنابَهُ بها.
ومرضَ المَلِك الأشْرَف، فأوْصَى له بدِمَشْق وبَعْلَبَك، ثمّ توهَّم منه أنَّهُ يُؤْثر مَوْتَهُ، فأرادَ أنْ يَرْجع عمَّا عَهِدَ به له، فلم يتيسَّر له ذلك، فلمَّا ماتَ المَلِك الأشْرَفُ اسْتَولَى عِمَاد الدِّين المَذْكُور (a) على ما كان بيده من البِلاد، فنَزَل إليه أخُوه المَلِكُ الكَامِلُ من الدِّيَار المِصْرِيَّةِ طَالِبًا أخْذَ دِمَشْق، فسَيَّرَ إليه نَجْدَة من حَلَب، فحصَرَه المَلِكُ الكَامِل إلى أنْ اسْتَولَى على دِمَشْق، وأبْقَى عليه بَعْلَبَك وبُصْرَى.
وماتَ المَلِكُ الكَامِل بدِمَشْقَ، وبها ابن أخيهِ المَلِك الجَوَاد يُونُس، فتَرَاسَل المَلِك الجَوَاد والمَلِك الصَّالِح أَيُّوب ابن المَلِك الكَامِل، وكان مَلك الدِّيَار الجَزَرِيَّة، واتَّفَقا على أنْ يُسَلِّم المَلِكُ الصَّالِحُ إليه الرَّقَّة وسِنْجَار وعَانَة، ويُسَلِّم إليه المَلِكُ الجَوَاد دِمَشْق، وتمَّت المُقَايضَة بينهما، وتَسَلَّم المَلِكُ الصَّالِحُ أَيُّوبُ دِمَشْقَ، وجَعَل فيها ولَدَهُ عُمَرَ المُلَقَّب بالمَلِك المُغِيْث، وصَعِدَ طَالِبًا للدِّيَار المِصْرِيَّة فنَزل نابُلُس، وهي في يد ابن عَمّه المَلِك النَّاصِر دَاوُد بن عِيسَى بن أبي بَكْر بن أَيُّوب، فحالَف إسْمَاعِيْلُ ابنَ أخيهِ، ووعدَهُ بالصُّعُودِ إليه إلى نابُلُس، ومُوافقتِه على قَصْدِ الدِّيَار المِصرِيَّة، فاتَّفَقَ إسْمَاعِيْلُ والمَلِك المُجَاهِد شِيرْكُوه صَاحب حِمْص على مُكَاتَبة جَمَاعَة من أهْل دِمَشْق، وعلى أنْ يكون للمَلِك المُجَاهِد نَصِيْبٌ فيها، والبَلَدُ لإسْمَاعِيْل، ووَاعَدا أهْلَ دِمَشْقَ في يَوْمٍ مُعَيَّن، وسَار إسْمَاعِيْل من بَعْلَبَك وشِيرْكُوه منِ حِمص، وهَجَمَاهَا، واسْتَعْصَت القَلْعَة أيَّامًا قَلَائِل، وبها عُمَر بن أَيُّوب، وعَجز مَنْ بها عن حِفْظها، فسَلَّمُوها إليه على أنْ يُطْلق المَلِكَ المُغِيْثَ عُمَرَ، فلمَّا تمَسَلّم القَلْعَة غَدَر بعُمَرَ المَذْكُور وقبَضَ عليه.