للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندما انْتَهى الخَبَرُ إلى المَلِكِ النَّاصِر دَاوُد، سيَّر عَسْكَرًا إلى المَلِك الصَّالِح أَيُّوب وقبضَ عليه وسَجَنَهُ عندَهُ في قلْعَةِ الكَرَك (١)، ودَامَ إسْمَاعِيْلُ بدِمَشْق، وعَسَف رعيَّتها وظَلَمهُم، وأعانَهُ على ذلك وَزِيُره أمِيْن الدَّولَة الّذي كان سَامرِيًّا وأسْلَم، وقاضيها المَعْرُوفُ بالرَّفيْع الجِيْليّ، إلى أنْ أخرج المَلِك النَّاصِر دَاوُد المَلِك الصَّالِح أَيُّوب من السِّجْن، ووافقَه على أخْذ الدِّيَار المِصْرِيَّة من يد المَلِك العادِل ابن المَلِك الكَامِل أخيهِ، وتوجَّها جَمِيعًا إلى مِصْر، وكاتبا جَمَاعَةً من الخَدَم ومَنْ كان بها من الأشْرَفيَّة.

وخَرَجَ العَادِلُ إلى بُلْبَيْس في عَسْكَرٍ كَثيف، وكُنْتُ إذ ذاك عندَهُ رَسُولًا بالقَاهِرَة، فقَبَضَ العَسْكَر على العادل (٢)، وتَسَلَّم الصَّالِح أَيُّوب الدِّيَار المِصْرِيَّة، وابنُه عُمَر في حَبْسٍ عمِّه الصَّالِح إسْمَاعِيْل، وهو لا يُفرج عنه، فاتَّفَقَ أنْ مات عُمَر في حَبْسِه بقَلْعَة دِمَشْق، وخافَ إسْمَاعِيْل فاتَّفَقَ مع الفِرِنْج.

وسيَّر المَلِك المَنْصُور إبْرهيم بن شِيرْكُوه صاحب حِمْص مُقدَّمًا على عَسْكَره إلى غَزَّة ومعه الفِرِنْج، وبها عَسْكَرُ مِصْر، فالْتَقَى الجَيْشان، فانْهَزَم المَلِك المَنْصُور والفِرِنْج، وتقدَّم العَسْكَر المِصْرِيّ بعد ذلك إلى بَيْسَان، وتحالف المَلِك الصَّالِح أَيُّوب، والسُّلْطان المَلِك النَّاصِر يُوسُف ابن المَلِك العَزِيز صاحب حَلَب، ونَزَل العَسْكَر المِصْرِيّ ومُقَدَّمُه الوَزِيرُ مُعِيْن الدِّين ابن الشَّيْخ ابن حَمُّوْيَه مُحَاصِرًا دِمَشْق، ووصَلَت إليه نَجْدَةُ حَلَب، وكنتُ أنا الرَّسُول إلى مِصْر في المُحَالفة، ففَتَح العَسْكَر المِصْري دِمَشْق، وسلَّمها الصَّالِح إسْمَاعِيْل إلى ابن الشَّيْخ ومَضَى إلى بَعْلَبَلك، وأنْكَر أَيُّوب على عَسْكَره تَرْك بَعْلَبَك، فخرج عنها الصَّالِح، والْتَجَأ إلى الخُوارَزْمِيَّةِ، ونَزَلُوا على طَرف البُحَيْرة من بَلَد حِمْص، فَخَرَجَ عَسْكَر حَلَب والمَلِك


(١) تقدم التعريف بالقلعة والمدينة في الجزء الثالث قبله.
(٢) قُبض على الملك العادل في ليلة الجمعة ٨ ذي القعدة ٦٣٧ هـ. انظر: زبدة الحلب ٣: ٦٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>