وهَرَبَ المَلِكُ الصَّالِح إسْمَاعِيْل، وقَدِمَ إلى حَلَبَ مُسْتَجيْرًا بالسُّلْطان المَلِك النَّاصِر ابن المَلِك العَزِيز، ومُلْقيًا نفسهِ إليه، فأنْزَله بدَار جَمَال الدَّوْلَة، وجَعَل عليه تَوْكِيْلًا طَلبًا لرضا المَلِك الصَّالِح أيُّوب، وسَيَّرَني رَسُولًا إلى مِصْر أشْفَع إلى أَيُّوب في إسْمَاعِيْل، فلم يُجب إلى ذلك، وفَسَد ما بين السُّلْطان المَلِك النَّاصِر وبينه بسَبَب ذلك.
ومات المَلكُ المَنْصُورُ إبْراهيمُ صَاحِبَ حِمْص بدِمَشْق، وتسلَّم نُوَّاب أَيُّوبَ بُصْرَى، وعَزَم م أَيُّوبُ على تَجْهيز عَسْكَر إلى الشَّرْق، فمَنَعَهُ المَلِك النَّاصِر، وأزَال التَّوكِيْل عن الصَّالِح إسْمَاعِيْل وسيَّرني إليه، واسْتَحْلَفْتُهُ (a) يَوْم الاثْنَين ثامن عَشر ذي القَعْدَة، وخَلَع عليهِ، وأقْطَعهُ إقْطاعًا حَسَنًا، وقدَّمه على عَسْكَره، والأَمِيرُ شَمْس الدِّين لُؤلُؤ الأَمِيْنيّ يتولَّى تَدْبِير العَسْكَر، وتوجَّه العَسْكَر إلى حِمْص ففتَحَها من يَد المَلِك الأشْرَف مُوسَى بن إبْراهيم، وكان قد مال إلى جانب الصَّالِح أَيُّوب، فنَزَل أَيُّوب إلى دِمَشْق، وسَيَّر العَسْكَر إلى حِمْص وحَصَرها، فَخَرج السُّلْطان المَلِك النَّاصِر والعَسْكَر معَهُ والصَّالِح إسْمَاعِيْل، ووَرَدَ نَجْم الدِّين البَادَرَائِيّ رسُولُ الخَلِيفَة، ورَحَل العَسْكَر عنِ حِمْص، وخَرَجَ الفِرِنْج إلى دِمْيَاط واسْتَولوا عليها، وتُوفِّيَ الصَّالِح أَيُّوب، ووَصَل وَلدُه المُعَظَّمُ تُوْرَانشَاه، وأسَرَ مَلِكَ الفِرِنْج، وقتلَهُ عَسْكَره، وتوجَّه السُّلْطان المَلِك النَّاصِر يُوسُف وافْتَتح دِمَشْق، وصَعِدَ إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة، والصَّالِح إسْمَاعِيْل في صُحْبَته وانْفَلَّ وعَاد، وأسِرَ الصَّالِحُ إسْمَاعِيْل، ودُخِل بهِ إلى القَاهِرة، وسُجن في قَلْعَة الجَبَل، ثمّ أُخْرج وخُنِق، وذلك في سَنَة ثَمانٍ وأرْبَعين وستمائة.