للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشِّعْر في هذا المَوضع؟! [حتَّى بَلَغَ إلى هذا المَوْضِع] (a):

أتَتْهُ الخِلَافَةُ مُنْقَادَةً … إليهِ تُجَرِّرُ أذْيَالَهَا

فلم تكُ تَصْلُح إلّا لَهُ … ولم يَكُ يَصْلُحُ إلَّا لها

ولو رَامَها أحَدٌ غَيرَهُ … لَزُلْزِلَت الأرْضُ زِلْزَالها

ولو لَمْ تُطِعْهُ بَنَاتُ النُّفُوسِ … لَمَا قَبِلَ اللَّهُ أعْمَالَهَا

قال: فقال بَشَّار: انظُر وَيْحَك يا أَشْجَعُ (b)، هلِ طَارَ الخَلَيفَة عن فُرُشِهِ؟! قال: لا، واللَّه ما انْصَرَفَ أحَدٌ من ذلك المَجْلِس بجَاِئِزَةٍ غير أبي العَتَاهِيَةِ.

قَرَأتُ في بعض ما علَّقْتُه من الفَوَائِدِ (١): قال أَشْجَعُ بن عَمْرو السُّلَمِيّ: شخَصْتُ من البَصْرَة إلى الرَّقَّةِ فوجَدْتُ الرَّشِيْد غَازِيًا، ونالَتْني خَلَّةٌ، فخرجْتُ حتَّى لَقِيتُه مُنْصرفًا من الغَزْو، وكُنْتُ قد اتَّصَلتُ ببعضِ أهْل دَاره، فصَاِح صَائِحٌ ببابهِ: مَنْ كان هَا هُنا من الشُّعَراءِ فليَحْضُر يَوْم الخَمِيْس، فحَضَر سَبْعَةٌ وأنا ثامِنُهُم، فأُمْرنا بالبُكُور في يَوْم الجُمُعَة، فبكَّرْنا فأُدْخِلْنا، وقُدِّمَ واحدٌ واحدٌ منَّا يُنْشِدُ (c) على الأسْنَانِ، وكُنْتُ أحْدَثَ القَوْم سنًّا، وأرَثَّهم حالًا، فما بلغَ إليَّ حتَّى كادتِ الصَّلَاةُ أنْ تَجبَ، فقُدِّمتُ والرَّشِيْدُ جالسٌ على كُرْسِيّ، وأصْحَابُ الأعْمدة بينَ يَدَيْهِ سمَاطَان، فقال لي: أَنْشد، فخِفْتُ أنْ أبْتدِئ من أوَّل قَصِيْدَتي بالتَّشْبِيْب فتَجب الصَّلاة، ويَفُوتني ما أردْتُ، فتركتُ التَّشْبِيْب، وأَنْشَدتُه من مَوضع المَدِيْح في قَصِيْدَتي الّتي أوَّلُها (٢): [من الطويل]

تذكَّر عَهْدَ البِيْض وهو لها تِرْبُ … وأيَّامَ تُصْبي الغانياتِ ولا تَصْبُو (d)


(a) ما بين الحاصرتين إضافة من تاريخ بغداد، وانظر ديوان أبي العتاهية ٣٧٥.
(b) قوله: "يا أشجع" ساقط من ب.
(c) مهملة الأول في الأصل، والمثبت من ب والأغاني.
(d) الديوان: يصبو.

<<  <  ج: ص:  >  >>