للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المَدْرَسَة، فأظُنُّها وَقْف سُليْمان بن عَبْد الجَبَّار.

وأخْبرَني أبو حَامِد عَبْد اللَّه بن عبد الرَّحْمن بن العَجَمِيِّ، قال: أراد أتَابِكُ زَنْكِي أنْ يَنْقُل أباهُ إلى مَوضِع يُحدِّدُه عليه، ويَلِيْق به، فقال له أبي: أنا قد عَمرت هذه المَدْرَسَة بالزَّجَّاجِين، وسأله أنْ يَنْقل أباهُ إليها ففَعل، واتَّخذ الجانب الشَّمالي تُرْبَة لأبيهِ، ولمَنْ يَمُوتُ من ولده وغيرهم.

وحَكَى لي والدي رَحِمَهُ اللَّهُ: أنَّ أتَابِكَ زَنْكِي لمَّا نَقَل أباه من قَرَنْبِيَّا، وأدْخَله إلى مَدْرَسَة الزَّجَّاجِين (a) لَم يُدْخَل به من باب من أبْوَاب مَدِينَة حَلَب، وأَنَّهم رَفعُوه من بعض الأسْوَار ودلُّوه إلى المَدِينَة، لأنَّهم يَتَطَّيرُونَ بدُخُول المَيَّت إلى البَلْدَة.

قال لي أبي: ووَقَف زَنْكِي القَرْيَة المَعْرُوفة بشَامَر على تُرْبَةِ أبيهِ آقْ سُنْقُر رَحِمَهُ اللَّهُ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد (B) بن عليّ بن مُحَمَّد العُظَيْميّ (١)، وأنْبَأنَا به عنهُ (C) المُؤيَّد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ وغيره، قال: سَنَة ثَمانين وأرْبَعِمائة دَوْلة قَسِيم الدَّوْلَة وَزِيره أبو العِزّ بن صَدَقَة، فيها استقرَّت الرُّتْبَةُ بحَلَبَ للأمير قَسِيمِ الدَّوْلَةِ آقْ سُنْقُر من قِبَل السُّلْطانِ العَادلِ أبي الفَتْح، وتوطَّدَتْ له الأُمُور بها، وأقام الهَيْبَة العَظِيمَة الّتي لا يقْدر عليها أحدٌ من السَّلَاطين، وأظْهَرَ فيها من العَدْل والإنْصَاف مع تلك الهَيْبَة ما يطُول شَرْحُه. ورَخُصَتِ الأسْعارُ في أيَّامِهِ الرُّخْصَ الزَّائد عن الحَدّ، وقَرَّب الحَلَبِيِّيْن وأحبَّهم الحُبَّ المُفْرِط، وأحَبُّوه أضْعَاف ذلك، وأقام


(a) ب: المدرسة بالزجاجين.
(b) ب: أبي عبد اللَّه محمد بن أبي عبد اللَّه محمد.
(c) ب: عبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>