للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَكَرَ البَلاذُرِيُّ في كتابهِ، قال (١): وكانت بَالِس والقُرَى المَنْسُوبة إليها حدّها الأعْلَى والأوْسَط والأسْفل أعْذَاء عُشْرِيَّة، فلمَّا كان مَسْلَمَة بن عَبْد المَلِك بن مَرْوَان، تَوَجَّه غَازِيًا للرُّوم من نحو الثُّغُور الجَزَرِيَّة، عَسْكَرَ ببَالِس، فأتاهُ أهلها وأهل تُوبلس (a) وقَاصِرِين وعَابِدِين وصِفِّيْن، وهي قُرَى مَنْسُوبة إليها، وأتاهُ أهل الحدّ الأعْلَى فسَألوه جميعًا أنْ يحفرَ لهم فَهْرًا من الفُرَات يَسْقِي أرْضهم على أنْ يَجْعَلُوا له الثُّلُثَ من غَلَّاتهم بَعْدَ عُشْر السُّلْطَان الّذي كان يأخُذه، فحفر النَّهْر المَعْروف بنَهْر مَسْلَمَة ووفَوا له بالشُّرُوط، ورَمَّ سُوْر المَدِينَة وأحْكَمه، ويُقال: بل كان ابْتداء العَرْض من مَسْلَمَة، وأنَّه دعَاهُم إلى هذه المُعاملَة.

فلمَّا مات مَسْلَمَة، صَارت بَالِس وقُرَاهَا لوَرَثَتِهِ، فلم تزل في أيْدِيهم إلى أنْ جاءَت الدَّوْلَةُ المُبارَكة، وقَبَض عَبْدُ اللّه بن عليّ أمْوَال بَنِي أمَيَّة، فدخَلَت فيها، فأقْطعها أَمِير المُؤمِنِين أبو العبَّاس سُلَيمان بن عليّ بن عَبْد اللّه بن العبَّاس، فصَارت لابنهِ مُحمَّد بن سُلَيمان.

وكان جَعْفَر بن سُلَيمان، أَخُوه، يَسْعى به إلى أَمِير المُؤمِنِين الرَّشِيد، ويَكْتب إليهِ فيُعْلمه أنَّه لا مال لهُ ولا ضَيْعة إلَّا وقد اخْتَانَ أضْعَاف قيمته، وأنْفَقه فيما يُرَشِّح لهُ نفسه، وعلى مَن اتَّخَذَ من الخَوَلِ، وأنّ أمْوَاله حِلٌّ طِلْقٌ لأَمِير المُؤمِنِين، وكان الرَّشِيدُ يأمُر بالاحْتِفاظِ بكُتبهِ، فلمَّا تُوُفِّي مُحمَّد بن سُلَيمان، أُخْرجت كُتُب جَعْفَر إليهِ واحْتُجَّ عليه بها، ولم يكن لمحمَّد أخ لأبيه وأُمِّهِ غيره، فأقرَّ بها، وصارَت أمْواله للرَّشِيد، فأقْطَع بَالِس وقُرَاها المأْمُون، فصَارَت لولده من بَعْده.


(a) كذا في الأصل و"ك"، وفي فتوح البَلاذُرِيّ: نُويلس، وعند ياقوت (نقلًا عن البَلاذُرِيّ): بويلس. مُعْجَمُ البلدان ١: ٣٣٨، وقيدها ابن شدَّاد مع قاصرين وعابدين برسم: تلوسين. ابن شدَّاد: الأعلاق الخطيرة ١/ ٢: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>