للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَبِهِ تَوْفِيْقِي

قَرَأتُ في كتاب جَغرَافيَا لابن حَوْقَل النَّصِيْبِيّ (١)، قال: بَالِس وهي مَدِينَةٌ على شَطِّ الفُرَات من غربيِّهِ، صَغِيرة، وهي أوَّل مُدُن الشَّام على الفُرَات (a)، فعَفَت آثارها ودرسَت قوافلُها وتجارُها بعدَ سَيْف الدَّوْلَة، وهي مَدِينَةٌ عليهِا سُورٌ أزَلِيٌّ، ولها بَساتِيْن فيما بينها وبين الفُرَاتِ، وأكْثر غلَّاتها القَمْحِ والشَّعِير، ومن مشْهُورِ أخْبارها أنَّ المَعْروفَ بسَيْفِ الدَّوْلَة عند انْصرافهِ عن لقائهِ صَاحب مصْر، وقد هَلكَ جميعُ ماله (b)، أنْفَذَ إليها المعروفَ بأبي حَصِين (c) القَاضِيّ، فقَبَض من تُجَّارٍ كانوا بها، تَوافَرت لهم الأوقاتُ، ولم يُطْلِق لهم النُّفُور (d) مع خَوْف نَالَهم، فأخْرجَهُم عن أحْمالِ بَزٍّ، وأطْواف زَيْتٍ إلى ما عَدَا ذلك من مَتَاجر الإسْلام في دفعتَيْن بينهما شُهُور قلائل وأيَّام يسيرة، ألف ألف دِيْنار.

ونقلتُ من كتاب البُلْدان، تأليفُ أحْمد بن أبي يَعْقُوب بن وَاضِح الكَاتِب (٢)، وذكَرَ بَالِس، وقال: وهي مَدِينَةٌ قَديْمةٌ على شَاطِئ الفُرَات في أصْلِ جَبَلٍ، ومنها تُحمل التِّجَاراتُ الَّتي تَرد من مِصْر وسائر أرْضِ الشَّام في السُّفُنِ إلى بَغْدَاد.

وخَرَاجُ بَالِس إلى عَامِل ديار مُضَر، وحَرْبُها وصَلَاتُها إلى عَاِمل جُنْد قِنَّسْرِيْن والعَوَاصِم. وأهْلُها أخْلَاطٌ من العَرَب والعَجَم.


(a) سبقت الإشارة قبل قليل إلى سوء النسخة التي كانت بين يدي ابن العديم، واختلاف عبارتها، ويؤكد ذلك ما وقع من نقص فيها هنا، بانتقال نظر الناسخ سببه تكرار كلمة الشَّام، ونصّ ابن حرقل: "وهي أول مدن الشَّام [من العراق، وكان الطَّرِيق إليها عامرًا، ومنها إلى مصر وغيرها سابل، وكانت فرضة لأهل الشَّام] على الفرات .. ".
(b) صورة الأرض: جنده.
(c) كذا ضبطه بالفتح، وهو عبد الله بن المحسِّن بن عَبْد اللهِ، يأتي ذكره آخر الجزء عند الكلام على قَبَائِل الجند، وضَبْطه هناك على هذا الوجه أيضًا. وله تَرْجَمَة - حسبما ذِكْر المؤلِّف ذلك في الكنى - وهي ضمن الضائع من الكتاب.
(d) صورة الأرض: النفوذ.

<<  <  ج: ص:  >  >>