للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَلْقاهم ونَكْسِرهم، قال: ورجَع ودَخَل البَلَد ورَتَّب الأحْوَال وجلبَ إليهِ الغلَالَ وأمن النَّاس واسْتَقَرُّوا.

قال: وكان ذلك في آذَار، فجعَل النَّاس يأخُذُون الحِنْطَة والشَّعِير ويَبُلُّونها بالماءِ ويَزْرَعُونها، فاسْتَغَلَّ النَّاسُ في تلك السَّنَة مُغلًا صَالِحًا. هذا مَعْنى ما حَدَّثَني به وَالدِي وعَمِّي.

ونَقَلْتُ من خَطِّ عَبْد المُنْعِم بن الحَسَن بن اللُّعَيْبَة الحَلَبِيّ: دَخَلت سَنَة تِسْعَ عَشْرةَ وخَمْسِمائَة، ووَصَلَت العَسَاكِر من الشَّرْق، ومُقدَّمها آقْ سُنْقُر البُرْسُقِيّ، وكان الإفْرَنْج نزلوا على حَلَب في شَهْر رَمَضَان سَنَة ثَماني عَشرةَ وخَمْسِمائَة، وحَاصَرُوها، وضَيَّقُوا على أهلها، ومَضَى القَاضِي ابنُ العَدِيْم والأشْرَاف، وقَوْمٌ من مُقَدَّمِي أهْلها مُسْتَصْرِخينَ لأنَّهُ ما كان بقي من أخْذها شيء، فوصَل البُرْسُقِيُّ معهم في مُحَرَّم سَنَة تِسْعِ عَشْرة وخَمْسِمائَة، ونَزَل بَالِس. وكانت رُسُلهُ مُذْ وصَل الرَّحْبَةَ مُتَوَاترةٌ إلى حِمْص ودِمَشْق يَسْتَدعي مالكها، وسَار الأَميرُ صَمْصَامُ الدِّين عن حِمْص في أوَّل رَبيع الأوَّل، فلقي الأَمِير قَسِيم الدَّوْلةَ البُرْسُقِيّ بتَلِّ السُّلْطان (a) بعد انفصالِهِ عن حَلَب، وانْهزام الإفْرَنْجُ عنها، وكان سَرَى إليهم من بَالِس، ووَصَل إلى حَلَب، وخَرَج أهْلُ حَلَب ونَهَبُوا من خِيَامِ الإفْرَنْج مِقْدَار المائة خَيْمَة من على جَبَل جَوْشَن، وما بقي من هَلَاكهم شيء، لكنَّ اللَّه أَمْسَكَ أيْدِي التُّرْك عنهم بمَشِيئته.

قَرأتُ بخَطِّ أبي غَالِب عَبْد الوَاحِد بن الحُصَيْن في تَارِيْخهِ في حَوَادِث سَنَة ثَماني عَشرة وخَمْسمائة (b): وفي ثاني عَشْرِيّ ذي حجَّتها دَخَل البُرْسُقِيّ إلى حَلَب، وفي غَده رحَل الفِرنْجُ عن حَلَب.


(a) ب: بتل سلطان.
(b) الأصل، ب: وستمائة، وهو سهو بَيِّنٌ، ووفاة البرسقي كانت في سنة ٥٢٠ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>