للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأضْرب رَقَبتَهُ، فجاءَ الغِلْمَانُ إلى خُوَاجَا بُزُرْك وقالوا: قد قال السُّلْطان كَذَا وكذا، فمَضَى إليهِ خُوَاجَا بُزُرْك، وقال له: يا سُلْطان العَالَم، يَظْهَر عنك مثْل هذا، وكان السُّلْطان قد بلغَ منه السُّكْر، فضَرَبَهُ بالمَغْسَل الّذي في دَسْت الشَّرَاب، وقال: أُريدُه، ففَتَح أثرًا في وَجْهِهِ فمَضَى خُوَاجَا إلى جانب السُّرَادِق إلى خَاتُون، فقال: بَادِريْنا (a) يا خَاتُون وإلَّا السَّاعَة يتلف العَسْكَر ويَنْهب بعضُهُ بعضًا، كان كَذَا وكذا، فقامَت تَمْشِي إليهِ. فقال لها: خَاتُون ما جاءَ بك؟ فقالت: نَم أنْتَ سَكْران. وتفَرَّقُوا، فلمَّا أصْبَحت قالت له: ما تَحْتَشم؟ تَفْتَح عليك بابَ غَدْر! قال: لا إنْ شَاءَ اللّهُ! قالت: بَلى؛ البَارِحَةَ أردْتَ تُحْضر الأَمِير البَدَوِيّ وتَضْرب رَقَبتهُ، وأنْتَ قد أعْطَيْتَهُ أمانَكَ، هذا (b) وأنت تُريد تَفْتَح مِصْر وما دُوْنَها، وفعَلْتَ كَذَا وكَذَا بخُوَاجَا بُزُرْك! قال: واللّهِ ما معي عِلْم من هذا جَميْعه، ولمَّا حضر عنده خُوَاجَا قال له: يا حَسَنُ، ما هذا الأثَرُ في وَجْهكَ؟ فقال (c): يا سُلْطانَ العَالَم، هذا أثَر (d)، وقَعْتُ البَارِحَة وأنا خارج من خَيْمَتي ضَرَبني عَمُودُ الخَيْمَة، ولم يُعْلِمهُ بذلك، فاسْتَحْسَن النَّاسُ منه ذلك.

ثمّ رحَل السُّلْطان من حَلَب يُريدُ مِصْر، فرَحَل مَرْحَلَةً واحدةً فجاءهُ الخَبَرُ بأنَّ مَلِكَ الرُّوم ذيُوجانِس (e) قد خَرَج لمَّا رَأى البِلاد خَاليةً من العَسَاكِر، فرَحَل على أدْرَاجهِ يُرِيد مَلِكَ الرُّوم.

قَرأتُ بخَطِّ أبي غَالِب عَبْد الوَاحِدِ بن مَسْعُود بن الحُصَيْن (١): سَارَ السُّلْطان ألْب أَرَسْلَان - يعني في سَنَة ثَلاثٍ وسِتِّين وأرْبَعِمائة - إلى دِيَار بَكْر، فخرج إليهِ


(a) في الأصل، ب هكذا: يادرْنَا، والمثبت أقرب لأن يكون المُراد.
(b) ساقطة من ب.
(c) ب: قال.
(d) كذا في الأصل وب والنص فيهما متصل بلا انقطاع.
(e) قيَّده في الأصل في هذا الموضع بالذال المعجمة، وفي ب: بالدال.

<<  <  ج: ص:  >  >>