للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَأل ألْب أَرَسْلَان أنْ يُفَوِّض الوِزَارَة بعده إلى نِظَام المُلْك.

ثُمَّ وَرَدَ خَاقَانُ التُّرْك تِرْمِذ وخرَّبها ونَهَبَهَا، فطَرَدَهُ ألْب أَرَسْلَان عنها، فمَضَى الخَاقَان وخيَّم على جَيْحُون من جَانب بُخَارَى، وطَلَبَ المُصَالَحَة؛ مُصَالَحَة جَغْرِي بك، واجْتَمع به، ثمّ افْتَرَقا، وأثَّر المَرَضُ في جَغْرِي بك، وزادَ ضَعْفُه (a)، وكان عُمْرُهُ سَبْعِين سَنَةً، فقَضَى نَحْبَهُ في صَفَر سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وأرْبَعِمائة في سَرْخَس، وقامَ مقامَهُ في المُلْك السُّلْطان ألْب (b) أَرَسْلَان، وكان مَلِكْشاه حينئذ ابن سِتّ سِنيْن، وعاشَ طُغْرِلبِك السُّلْطان بعد (c) جَغْرِي بك ثلاث سنين.

قَرَأتُ في كتابِ الرَّبيع، تأليفُ غَرْس النِّعْمَة أبي الحَسَن مُحَمَّد بن هِلِّل بن المحسِّن بن إبْراهيم بن هِلِّل الصَّابِئ، وأخْبَرَنَا به أبو مُحَمَّد عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف بن عليّ البَغْدَاديّ وغيره إجَازَةً، عن أبي الفَتْحِ مُحَمَّد بن عَبْد البَاقِي بن البَطِّيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه الحُمَيْدِيّ، قال: أخْبَرَنا غَرْسُ النِّعْمَةِ أبو الحَسَن، قال: حَدَّثني بعضُ الخُرَاسَانيَّةِ، قال: خَرَج ألْب أَرَسْلَان بن دَاوُد، المُلَقَّبُ عَضُد الدَّوْلَة، وهو صَبيٌّ إلى الصَّيْد فرأي شَيْخًا ضَعِيْفًا على رَأسِه شَوْكٌ قد قَطَعَهُ وتعبَ به، وهو ذا يُقَاسِي من حَمْلِهِ شِدَّةً وصُعُوبَةً، فقال له: يا شَيْخُ، قال: لَبَّيْكَ، قال: أتُحبُّ أنْ أُريْحَكَ ممَّا أنتَ فيه من هذا الكَدِّ والتَّعَبِ (d) والنَّصَب مع الشَّيْخُوخَة وكِبَر السِّنّ؟ فظَّنَ الشَّوْكِيُّ أنَّهُ يُعْطِيْه ما يُكْفهِ به عن ذاك ويُعِيْنُهُ (e)، فقال: إيْ واللّهِ يا مَوْلايّ، فرَماهُ بنُشَّابَةٍ قتلَتْهُ مكانَهُ!.

وهذا صَدَرَ من ألْب أَرَسْلَان في حال الصُّبُوَّة والجَهْل، وحملَهُ عليه سُكْر الشَّبَاب، أمَّا في حالة اكْتِهَاله واسْتِقرَاره في المُلْك، فكان من أعْدَلِ المُلُوك وأحْسَنهم سِيْرة، وأرْغَبِهم في الجِهَادِ ونُصْرة الدِّين.


(a) ب: مرضه.
(b) ساقطة من ب، وفيها: السلطان الملك أرسلان.
(c) ساقطة من ب.
(d) ساقطة من ب.
(e) ب: أنَّه يعطيه ما يغنيه به.

<<  <  ج: ص:  >  >>