للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو كما قال امْرُؤُ القَيْس: عليه العَرْمَضُ يَفئُ عليه الظِّلُّ. فقال رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ذاكَ رَجُلٌ مَذْكُورٌ في الدُّنْيا، منْسِيٌّ في الآخِرة، شَرِيْفُ في الدُّنْيا، خَامِلٌ في الآخِرة، بيَدِه لِوَاءُ الشُّعَراءِ يَقُودُهم إلى النَّار.

قال: وأخْبَرَنا أبو الفَرَج المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء (١)، قال: وحدَّثناهُ أحْمَدُ بن عِيسَى بن السُّكَيْن البَلَدِيُّ، قال: حَدَّثَني أبو (a) دَاوُد سُليْمان بن سَيْفٍ الحَرَّانيّ، قال: حَدَّثَنَا حَبَّانُ (b) بن هِلَالٍ أبو عَبْدِ الله البَصْرِيّ جَار أبي عَاصِم، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْد الله بن السَّائِب، قال: حَدَّثَنَا فَرْوَة بن عُفَيف - أو قال: عَفِيْف - ابن مَعْد يكَرِب، عن أَبيِهِ، عن جَدِّه، قال: كُنْتُ عند النَّي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأتاهُ قَوْمٌ من الأعْرَاب؛ حُفَاةً عُرَاةً، فقالوا: يا رسُولَ اللهِ، لقد أنْجَانا اللهُ ببَيْتَيْن من شِعْر امْرِئ القَيْس بن حُجْر. فقال: كيف ذاك؟ قالُوا (c): يا رسُولَ اللهِ، أقْبلنَا نُريدكَ، حتَّى إذا كُنَّا ببَعْضِ الطَّريق أضْلَلْنَاهُ ثلاثًا، لا نَقْدِرُ عليه، فبَيْنا نحنُ كذلك، عَمد كُلُّ (d) رَجُلٍ منَّا إلى ظِلِّ شَجَرَةٍ أو سَمُرة لَيمُوتَ تَحتها، فإذا رَاكِبٌ على بَعِيْر له يُوْضِعُ، فلمَّا رآهُ بعضُنا قال - والرَّاكِبُ يَسْمَعُ - (٢): [من الطويل]

لمَّا رَأتْ أنَّ الشَّريْعَةَ هَمُّها … وأنَّ البَيَاضَ من فَرَائِصَها دَامِ

تَيَمَّمَتِ العَيْنَ الّتي عندَ ضَارِج … يَفِيءُ عليها الظِّلُّ عَرْضُها طَامِ

قال: فقال الرَّاكِبُ: يا عَبْدَ اللهِ، مَنْ يقُول هذا الشِّعْرَ؟ قال: امْرُؤُ القَيْسِ بن حُجْر. قال: واللهِ ما كذَبَ، وإنَّ عنده الآن لضَارِجًا عليه العَرْمَض يَفِيءُ عليه الظِّلُّ، قال: فنَظَرْنا فإذا ليس بَيْنَنا وبينه إلَّا قَدْر عِشْرين ذِرَاعًا. فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ذاك رَجُلٌ مَذْكُورُ في الدُّنْيا، مَنْسِيَّ في الآخرة، بيدِهِ لِوَاءُ الشُّعَراءَ يَقُودُهم إلى النَّارِ.


(a) ساقطة من ب.
(b) الجريري: حيَّان.
(c) ب: فقال.
(d) ساقطة من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>