للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعشْرين سَنةً، وهو الّذي حَالفَ بين كِنْدَةَ ورَبِيْعَةَ بالرَّبَائِث (a)، وهو مَوضِع، ثمّ مَلَك عَمْرو بن حُجْرٍ أرْبَعيْن سَنَةً، وغَزَا الشَّام ومعه رَبِيْعَةُ فلَقِيَهُ الحَارِثُ بن شِمْر فقتلَهُ، فمَلَك بعدَهُ الحَارِثُ بن عَمْرو؛ وأُمُّه ابْنَةُ عَوْف الشَّيْبَانِيّ، ونَزَل الحِيْرَة ففرَّقَ مُلْكَه على وَلَده وهُم: حُجْر وشُرَحْبِيل وسَلَمَةُ والعَلْفَاء، فملَّك حُجْرُ بني أَسَد وكِنَانَة، وملَّك شُرَحْبِيلُ على غَنْم وطَيِّء والرِّبَاب، وملَّك سَلَمَة والعَلْفَاء على قَيْس عَيْلَانَ، فقُتِلَ الحَارِثُ وقام وَلده بما كان في أيْديهم، وصَبَرُوا على قِتَال المُنْذِر حتَّى كافَؤُوهم، فلمَّا رَأى المُنْذِر ذلك نَفِسَهُم فغَلَبَهُم على أرْض العَرَب، وأوقَع الشُّرور بينَهُم، فاخْتَلَفُوا، وتنكَّرت بَنو أَسَد لحُجْر بن الحَارِث، وساءَت سِيْرَته فيهم، وكانت عندَهُ أُخْتُ كُلَيْب (b) بن رَبِيْعَة ومُهَلْهِل بن رَبِيْعَة، فلمَّا خافَ على نَفْسه حَمَلَها، فاجْتَمَعت بَنو أَسَدٍ على قَتْلِهِ وقَتَلُوه، وكان القَائِم بأَمْر بَني أَسَدٍ عِلْبَاء بن الحَارِث التَّغْلِبِيّ.

وكان امْرُؤُ القَيْس غائبًا، فلمَّا بلَغَهُ مَقْتَلُ أبيهِ، جَمَعَ جَمْعًا قصَدَ به أسَد، ونَزل بالقُرْبِ منهم في اللَّيْل، فذُعِرَ القَطَا فطَارَ عن مَجَاثمهِ، فمرَّ ببَني أَسَد، فقالت بنْتُ عِلْبَاء: ما رَأيْتُ كاللَّيْلة قَطًا أكْثَر! فقال عِلْبَاء: ولو تُرِكَ القَطَا لغَفَا ونَام (c)، فأرْسَلَها مثَلًا، وعَرِفَ أنَّ جَيْشًا قد قَرُبَ منه فارْتَحل، وأصْبَح امْرُؤ القَيْسِ أوقَع بكِنَانَة، فأصَابَ فيهم، وجَعَل يقُول: يا ثَارَات حُجْر، فقالوا: والله ما نحنُ بثَأرك، نحنُ من كِنَانَة، فقال (١): [من الوافر]

[ألَا] (٤) يا لهفَ نَفْسِي على (c) قَوْم … هم كانُوا الشِّفَاءَ فلم يُصَابُوا

وقَاهُم جَدُّهم ببني أبيهم … وبالأشْقَيْنَ ما كان العَذَابُ (f)


(a) في تاريخ اليعقوبي ١: ١٨٦: الذنائب، وذكر ياقوت مواضع عديدة بهذا الاسم، ولم يذكر فيها خبر المحالفة المذكورة. انظر: معجم البلدان ٣: ٧.
(b) الأصل، ب: كلب، وتقدم التعليق عليه.
(c) الأصل، ب: وناما. وانظر: جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري ٣: ٤٣٢.
(d) إضافة من الديوان وتاريخ اليعقوبي وجمهرة الأمثال والأغاني.
(e) ديوانه والأغاني: هند إثر.
(f) ديوانه وجمهرة الأمثال والأغاني: العقاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>