للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَجَّاج حائطًا مُحَاطًا لا سَقْفَ عليه، وكان الأحْرَاسُ يجلسُونَ على الحائطِ، فإذا تَنَحَّى المُسَجَّنُونَ إلى الظِّلِّ رَمَاهم الأحْرَاسُ بالحِجَارَة حتَّى يرجعُوا إلى الشَّمْس، وكان يُطْعِمُهم خُبْزَ الشَّعِير قد خُلِطَ فيه الرَّمَادُ والمِلْح بالزَّيْت، فلا يَلْبَثُ الرَّجُل أنْ يتغيَّر، فجاءت امرأةٌ تسألُ عن ابْنها، فنُودِيَ به فخَرج إليها، فلمَّا رأتْهُ قالت: ليس هذا ابني، ابني أشْقَرُ أحْمَرُ وهذا زَنجيُّ، فقال: بلى يا أُمَّهْ، أنا ابنُكِ، وأُخْتي فُلَانة وأخي فُلَانٌ، ومَنْزِلنا بمَوضِع كَذَا وكذا، فلمَّا عَلِمَتْ أنَّهُ ابنُها شَهقَتْ فوقعَتْ مَيّتَةً، فأُعْلم الحَجَّاجُ بذلك فأمرَ بإطْلَاقِ مَنْ في الدِّيْمَاس، فما منهم أحدٌ حُلَّ قَيْدُهُ إلَّا في مَنْزِله مَخَافَة أنْ يَبْدُوَ له.

أخْبَرَنا عَتِيق بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا الحافِظ أبو القَاسِم (١)، ح.

وحَدَّثَنَا أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ، عن أبي المَعَالِي بن صَابِر، قالا: أخْبَرَنا عليّ بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا رَشَاء بن نَظيف، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد المِصْرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أحْمَد بن مَرْوَان الدِّيْنَورِيّ (٢)، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عليّ، قال: حَدَّثَنَا الهَيْثَم بن جَمِيل، عن يَعْقُوبَ القُمِّيّ، عن جَعْفَر بن أبي المُغِيرَة، قال: كان حُطَيْط صَوَّامًا قَوَّامًا، يَخْتم في كُلِّ يَوْم وليلة خَتْمَةً، ويخرجُ من البَصْرَة مَاشِيًا حَافِيًا إلى مَكَّة في كُلِّ سنةٍ، فوجَّه الحَجَّاج في طَلَبهِ، فأُخِذَ، فأُتي به الحَجَّاجُ، فقال له: إيهًا، قال: قُل؛ فإنِّي قد عاهَدْتُ الله لئن سُئِلْتُ لأصْدقنَّ، ولئن ابتُليْتُ لأصْبرَنَّ، ولئن عُوْفِيْتُ لأشكُرَنَّ ولأحْمدَنَّ الله على ذلك، قال: ما تقُول فيَّ؟ قال: أنتَ عَدُوّ الله تَقْتُل على الظِّنَّة، قال: فما قولُكَ في أَمِير المُؤْمنِيْن؟ قال: أنْتَ شَرَرةٌ من شَرَره، وهو أعْظَمُ جُرْمًا، قال: خُذُوا ففَظِّعُوا (a) عليه العَذَابَ، ففَعَلُوا فلم يقُل حسًّا ولا بسًّا،


(a) الأصل وكتاب المجالسة: فقطعوا، والمثبت من ابن عساكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>