للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَوَارِج؛ تُجهِّزُ أصْحَابَ البصَائر منهم، وكان الحَجَّاج يَطْلبُها طَلَبًا شَدِيْدًا، فأعْجَزَتْهُ (a) فلم يَظْفَر بها، وكان يدعُو اللهَ أنْ يُمَكِّنَهُ من فَرَاشَة، أو بعض مَنْ جَهَّزَته، فمَكُث مَا شَاءَ اللهُ، ثمّ جِئ برَجُلٍ، فقيل: هذا ممَّن جَهَّزتهُ فَرَاشَة، فخرَّ سَاجِدًا، ثمّ رفَع رأسَهُ، فقال له: يا عَدُوَّ الله، قال: أنت أوْلَى بها يا حَجَّاج! قال: أين فَرَاشَةُ؟ قال: مرَّتْ تَطِيرُ منذُ ثلاث، قال: أين تَطيرُ؟ قال: تَطِيرُ ما بين السَّماء والأرْض، قال: أعَنْ تلك سألتك عليك لعنَةُ الله؟ قال: عن تلك أخبرتُكَ عليك غَضَبُ اللهِ! قال: سَألتُكَ عن المَرْأةِ الّتي جهَّزتكَ وأصْحَابَك، قال: وما تَصْنعَ بها؟ قال: دُلَّنا عليها، قال: تَصْنعُ (b) بها ماذا؟ قال: أضْربُ عُنُقَها، قال: وَيْلَكَ يا حَجَّاج، ما أجْهَلَكَ! تُريدُ أنْ أدُلَّكَ وأنت عَدُوّ الله على مَنْ هو وَليُّ اللهِ، {قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (١). قال: فما رأيُكَ في أَمِير المُؤْمنِيْن عَبْدِ المَلِكِ؟ قال: على ذاكَ الفَاسِق لعنَةُ الله ولعنَةُ اللَّاعِنين. قال: ولِمَ لا أُمَّ لكَ؟ قال: إنَّهُ أخْطَأَ خَطِيئَةً طبَّقَت ما بين السَّماءِ والأرْض، قال: وما هي؟ قال: اسْتِعمالُه إيَّاكَ على رِقَاب المُسْلمِيْن، فقال الحَجَّاجُ (c): ما رأيُكُم فيه؟ قالوا: نَرَى أنْ نَقْتُلَه قَتْلةً لم يُقْتَل مثْلها أحدٌ، قال: وَيْلَكَ يا حَجَّاجُ، جُلَسَاءُ أخيكَ كانُوا أحْسَن مُجَالسَةً من جُلَسَائكَ، قال: وأيَّ إخْوَتي (d) تُريدُ؟ قال: فِرْعَون حين شَاورَ في مُوسَى، فقالوا: أَرْجِئْهُ وأخَاهُ (٢)، وأشَار عليكَ هؤلاءِ بقَتْلي. قال: فهل حَفِظْتَ القُرْآن؟ قال: وهل خَشيْتُ فرارَهُ فأحْفَظَهُ! قال: هل جَمَعْتَ القُرْآن؟ قال: ما كان مُتَفرِّقًا فأجْمَعَهُ، قال: أقَرأتَهُ ظَاهِرًا؟ قال: مَعَاذ اللهِ؛ بل قَرأتْهُ وأنا [أنْظر] (e) إليه. قال: فكيف تراكَ تَلْقَى الله إنْ قَتلتُكَ؟ قال:


(a) عند الجريري: فأعوزته.
(b) الأصل: نصنع، والمثبت من كتاب الجريري.
(c) زيد في كتاب الجريري: لجلسائه.
(d) عند الجريري: أخويَّ.
(e) ساقطة من الأصل ومن أصول ابن عساكر، والزيادة من الجليس الصالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>