للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانتا، وأيْم الله، لئن لَم تكُن صَلَاتي فيما مَضَى تَنْفَعُني ما هَان (a) بنَافعَتَي شيئًا، ثمّ أخذَ بُردَهُ فتَحَرَّم به، ثمّ قال لمَنْ يليه من قَوْمِهِ ومَنْ يتحرَّم بهِ: لا تحلُّوا قُيُودي ولا تَغْسلُوا عنِّي الدَّمَ، فإنِّي أجْتَمعُ أنا ومُعاوِيَةَ غَدًا على المحجَّة.

قال (١): وحَدَّثَنا عَبْدُ الله، قال: حَدَّثَني أبو مُحَمَّد بن أبي الحَسَن الجَوْهَرِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنَا وَهْبُ بن جَرِير، قال: حَدَّثَنَا أبي، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الزُّبَيْر الحَنْظَلِيّ، عن فِيْل مَوْلَى زِيَاد، قال: لمَّا قَدِمَ زِيَاد الكُوفَة أميرًا، أكْرَمَ حُجْرُ بن الأدْبَر، وأدْنَاهُ، فلمَّا أراد الانْحِدَار إلى البَصْرَة دَعاهُ فقال: يا حُجْرُ، إنَّك قد رأيْتَ ما صنَعْتُ بك وإنِّي أُرِيدُ البَصْرَةَ، فأُحِبُّ أنْ تَشْخَص معي، فإنِّي أكْرَهُ أنْ تُخَلَّف بعدي فعَسَى أنْ أُبَلَّغَ عنكَ شيئًا فيقَعَ في نَفْسِي، فإذا كُنْتَ معي لم يقَعْ في نَفْسِي من ذلك شيء، فقد علمتُ رأيَكَ في عليّ بن أبي طَالِب، وقد كان رأيي فيه قَبلك على مثْل رَأيك، فلمَّا رَأيتُ الله صَرَفَ ذلك الأمرَ عنهُ إلى مُعاوِيَة، لم أَتَّهِم الله، ورَضِيْتُ به، وقد رأيتَ إلى (b) ما صار أمرُ عليّ وأصْحَابُهُ، وإنِّي أُحَذِّرُكَ أنْ تَرْكَب أعْجَازَ أُمُور هَلَكَ مَنْ رَكِبَ صُدُورَها (c)، فقال له حُجْرٌ: إنِّي مَرِيْضٌ ولا أسْتَطِيْعُ الشُّخُوصَ معَكَ، قال: صَدَقْتَ والله! إنَّكَ لمَرِيْضٌ؛ مَرِيْضُ الدِّين، مَرِيْضُ القَلْب، مَريْضُ العَقْل، وأيْم الله لئن بَلَغَني عنكَ شيءُ أكْرَههُ لأحْرصَنَّ على قَتْلكَ، فانْظُر لنَفْسكَ أو دَعْ.

فخَرَجَ زِيَاد فلَحِقَ بالبَصْرَة. واجْتَمعِ إلى حُجْرُ قُرَّاء أهْل الكُوفَة، فجَعَل عَامِلُ زِيَادٍ لا يَنْفُذُ له أمرٌ، ولا يُريدُ شيئًا إلَّا مَنَعُوهُ إيَّاهُ، فكَتَب إلى زيادٍ: إنِّي والله ما أنا في شيءٍ، وقد مَنَعَني حُجْرٌ وأصْحَابه كُلّ شيء فأنْتَ أعْلَم.


(a) كذا لفظ الأصل، وفي تاريخ ابن عساكر: هاتان.
(b) ساقطة من نشرة ابن عساكر.
(c) ابن عساكر: صدرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>