للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعرضُوا عليَّ كتابَ زِيَادٍ، فقُرئ عليه الكتاب (a)، وجاءَ الشُّهُودُ فشَهِدُوا، فقال مُعاوِيَةُ بن أبي سُفْيان: أخرجُوهم إلى عَذْرَاء فاقْتُلوهُم هنالك، قال: فحُمِلُوا إليها، فِقال حُجْرُ: ما هذه القَرْيَة؟ قالوا: عَذْرَاء، قال: الحَمْدُ للهِ، أمَا والله إنِّي لأوَّلُ مُسْلِم نَبَّحَ كِلَابَها في سَبِيْل الله، ثُمَّ أُتِيَ بي اليَوْم إليها مَصْفُودًا!.

ودُفِعَ كُلّ رَجُل منهم إلى رَجُلٍ من الشَّام ليَقْتُله، قال: ودُفِعَ حُجْرٌ إلى رَجُل من حِمْيَر فقدَّمه ليَقْتُلَه، فقال: يا هُؤلاءَ، دَعُوني أُصَلِّي رَكْعَتَيْن، فتَركُوه فتَوَضَّأ وصَلَّى رَكْعَتين فطَوَّل فيهما، فقيل لهُ: طَوَّلْتَ، أَجَزِعْتَ؟ فانْصَرَفَ فقال: ما تَوَضَّأتُ قَطُّ إلَّا صَلَّيْتُ، وما صَلَّيْتُ صَلَاةً قَطُّ أخَفّ من هذه، ولئن جَزعْتُ لقد رأيْتُ سَيْفًا مَشْهورًا، وكَفَنًا مَنْشُورًا، وقَبْرًا مَحْفُورًا (١).

وكانت عَشَاِئِرُهُم جَاؤُوهم بالأكْفَان وحَفَروا لهم القُبُور. ويقال: بل مُعاوِيَة الّذي حَفَر لهم القُبُور وبَعَثَ إليهم بالأكْفَان.

وقال حُجْرُ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعْديكَ على أُمَّتنا، فإنَّ أهْلَ العِرَاق شَهِدُوا علينا، وإنَّ أهْل الشَّامِ قَتَلُونا. قال: فقيل لحُجْر: مُدَّ عُنُقكَ، فقال: إنَّ ذاكَ لَدَمُ ما كُنْتُ لأعِيْنَ عليه، فقُدِّمَ فضُرِبَتْ عُنُقهُ.

وكان مُعاوِيَة قد بَعَثَ رَجُلًا من بني سَلَامَان بن سَعْدٍ يقال له هُدْبَةُ بن فَيَّاض (b) - قال الصُّوْرِيّ: وفيِ نُسْخَةٍ قَبَّاص مَضْبُوط مُجَوَّد- فقَتَلهُم، وكان أعْوَر، فنَظَر إليه رَجُل منهم من خَثْعَم، فقال: إنْ صَدَقَتِ الطَّيْرُ قُتِلَ نِصْفُنا ونَجَا نِصْفُنا،


(a) الأصل: كتاب، والمثبت من ابن سعد والطبري وابن عساكر.
(b) في تاريخ الطبري ٥: ٢٧٤، والعبر لابن خلدون ٥: ٢٧: أرسل معاوية: هدبة بن فياض القضاعي، والحصين بن عبد الله الكلابي وأبا شريف البدِّيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>