للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ أَمَرْتَنا أطَعْنَاك، وإنْ دَعَوتَنا أجَبْناكَ، وإنْ سَبَقْتنا أدْرَكْناكَ، وإنْ سَبَقْناك نَطَرنَاكَ (a)، ثُمَّ جَلَسَ.

ثمّ قامَ المُنَادِي، فقال: أين عَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّد الشَّرْعَبِيّ؟ فقام فَحمِدَ الله، ثمّ قال: وقَوْلك يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن في هذه العِصَابَةِ من أهْلِ العِرَاق إنْ تُعَاقبْهُم فقد أصَبْتَ، وإنْ تَعْفُ (b) فقد أحْسَنْتَ، ثمّ جَلَسَ.

ثمّ قامَ المُنَادِي فنَادَى: أين عَبْدُ اللهِ بن أسَد القَسْرِيّ (c)؟ فقامَ فحَمِدَ الله وأثْنَى عليه، ثمّ قال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، رَعيّتك وولَايتكَ وأهْل طَاعَتِكَ إنْ تُعاقبْهُم، فقد جَنَوا على أنْفُسِهِم العُقُوبَة، وإنْ تَعْفُو فإنَّ العَفْو أقْرَبُ للتَّقْوَى. يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، لا تُطِعْ فينا مَنْ كان غَشُومًا لنَفْسِه، ظَلُومًا باللَّيْل، نَؤُومًا عن عَمَل الآخرة سَؤُومًا. يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، إنَّ الدُّنْيا قد انْخَسَفَتْ أوْتادُها، ومَالَتْ بها عِمَادُها، وأحَبَّها أصْحَابُها، واقْتَرب منها مِيْعادُها، ثمّ جلَسَ.

فقُلْتُ لشُرَحْبِيل: فكيف صَنَعَ؟ قال: قَتَلَ بَعْضًا واسْتَحْيَى بعضًا، وكان فيمَن قُتِلَ حُجْر بن عَدِيّ بن الأدْبَر.

قال: فلمَّا قُدِّمَ لتُضْرَب عُنُقه قال: لا تُطْلقُوا عنِّي حَدِيدًا وادْفنُوني وما أصابَ الثَّرَى من دَمي، فإنِّي ألْتَقي أنا ومُعاوِيَة غَدًا بالجادَّة.

قال أبي: قال أبو المُغِيرَة، قال: فكان ابن عيَّاش (d) لا يكادُ يُحَدِّثُ بهذا الحَدِيْث إلَّا بَكَى بُكَاءً شَدِيْدًا.


(a) كذا في الأصل، بالطاء، أي انتظرناك، ومنه الناطور. وعند ابن عساكر: نظرناك.
(b) الأصل: تعفو.
(c) ابن عساكر: القشيري، وهو تحريف.
(d) تحرف في الأصل إلى: ابن عباس، وهو إسماعيل بن عياش، كما تقدم في أول الإسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>