للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَرَأتُ في كتاب البُلْدان، تأليفُ أحمد بن يَعْقُوب بن وَاضِح الكَاتِب، قال (١): ومَدِينَة المِصِّيْصَة مَدِينَة بناهَا المَنْصُور أَمِير المُؤمِنِين في خلافَته، وكانت قبل ذلك مُصَلحةً (a). وأوَّل مَن قَطَع جَبَل اللُّكَام وصَار إلى المِصِّيْصَة مَالِك بن الحَارِث الأشْتَر النَّخَعِيِّ، من قِبَل أبي عُبَيْدَة بن الجرَّاح، وكان بها حِصْنٌ صَغِير بناهُ عَبْد الله بن عَبْد المَلِك لمَّا غَزَا الصَّائِفَة.

وقد حَكينا في الباب الّذي قَبْل هذا الباب عن البَلاذُرِيّ (٢)، قال: وقال أبو الخَطَّاب الأزْدِيُّ: إنَّ أبا عُبَيْدَة نفسَهُ غَزَا الصَّائِفَة فَمرَّ بالمِصِّيْصَة وطَرَسُوس، وقد جَلَا أهلُها وأهْلُ الحُصُون الّتي تليها فأدْرَب، وبلغَ في غَزَاتة زنْدَة (b).

عُدْنا إلى كلام ابن وَاضِح، قال (٣): وخرج المَنْصُور إلى الثُّغُور، فبَنى مَدِينَة المِصِّيْصَة العُظْمَى على النَّهْر الّذي يُقالُ لهُ جَيْحَان، ونَقَل إلى مَدِينَة المِصِّيْصَة أهل السُّجُون من الآفاقِ وغيرهم، وبنَى أَمِير المُؤمِنِين المأْمُون مَدِينَةً إلى جانبها سَمَّاها كَفَرْبَيَّا، فصَار النَّهْر المَعْرُوف بجَيْحَان بين المَدِيْنَتَيْن، وعلى النَّهْر جِسْرٌ عَظِيم قَدِيمٌ مَعْقُودٌ بالحِجَارَة. ومَدِينَةُ المِصِّيْصَة من الجانب الغَرْبيّ من جَيْحَان، ومَدِينة كَفَرْبيَا من الجانب الشَّرْقيّ، وأهْلُها أخْلاطٌ من النَّاس.


(a) كذا وردت مضبوطة؛ ولعل الأوجه: مسلحة.
(b) في الأصل بالراء المهملة، وتقدم التعليق عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>