فما كان ذاكَ العَيْشُ إلَّا تَعِلَّةً … ولا كانت الأيَّامُ إلَّا لَيَالِيا
ولمَّا اسْتَبانَ الرَّأيَ فيها إمَامُها … ولَم يَرَ في كَفّ الحَوَادِثِ كَافِيَا
أعَادَ إلى الطَّرْف المُسَهَّد غُمْضَهُ … وردَّ على مَرْضَى البِلَاد العَوَافِيَا
كان أبو عليّ بن المُعِلّم حيًّا في سَنَة ثَلاثٍ وخَمْسِين وأرْبَعِمائة؛ فإنَّ مُعِزّ الدَّولَة ثِمَالًا عاد إلى حَلَب من مِصْر في هذه السَّنَة، فقد تُوفِّي بعد ذلك.
وَقَعَ إليَّ رسالة للوَزِير أبي نَصْر مُحَمَّد بن الحَسَن بن النَّحَّاس الحَلَبِيّ، كَتَبَها إلى أبي طَاهِر مُحَمَّد بن الحَسَن المَعْرُوف بالجديّ، وذَكَر فيها أبا عليّ بن المُعَلّم، وقال بعد ذِكْره: وعلى ذِكْره، نَضَّرَ اللّهُ وَجْهَهُ، فعندَ اللّه نحْتَسبُ ذلك الشَّيْخ الجامِعَ لأشْتَاتِ الفَضائِل، وضَرَائِر المَحَاسِن، فلقَد كان أثْبَتَ شُيُوخَ زَمانِهِ فَهْمًا، وإنْ لم يفُتْهُم علمًا، وأقْوَاهُم تَصَوُّرًا ونَفْسًا، وإنْ أَوْفَوا عليه مُطَالعةً ودرْسًا، وأَنَّى لإخْوَانه الغَابِرين بعدَهُ، الّذين لا بُدَّ أنْ يَرِدُوا - وإنْ أنْظَرَهُم الأجَلُ - وردَهُ مثْله، ولا مِثْلَ له طِيْبَ مُعَاشَرةٍ، وحُسْنَ مُذَاكَرَةٍ، وحِفْظًا للغَيْب، ومُثَابرةً على سَتْرِ العَيْب:[من الطويل]