للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له يَوْمًا، وهو يُسَايرُه في مَوْكِبهِ (a) بالمَدِينَة، وحَجَّاج يَوْمئذٍ أمير المَدِينَة: أَدْخِلْ عمَّكَ عُمَرَ بن عليّ معك في صَدَقَة عليّ، فإنَّهُ عمُّكَ وبَقِيَّةُ أهْلكَ! قال: لا أُغَيِّرُ شَرْطَ عليّ، ولا أُدْخِلُ فيها مَنْ لم يُدْخِلْ، قال: إذًا أُدْخِلَهُ معك، فنكصَ عنه الحَسَنُ حين غفَل الحَجَّاج. ثمّ كان وَجْهُهُ إلى عَبْد المَلِك حتَّى قَدِمَ عليه، فوَقَف ببابهِ يطلُب الأذنَ، فمرَّ به يَحْيَى بن الحَكَم، فلمَّا رآه يَحْيَى، عَدل إليهِ فسَلَّم عليه وسَأله عن مَقْدَمه وخَبره وتَحَفَّى بهِ، ثُمَّ قال: إنِّي سَأنفعُكَ عند أَمِير المُؤْمنِيْن -يعني عَبْد المَلِك- فدخَل الحَسَنُ على عَبْد المَلِكِ، فرحَّب به، وأحْسَن مُسَاءَلتَهُ، وكان الحَسَنُ بنُ الحَسَن قد أسْرَع إليَه الشَّيْبُ، فقال له عَبْد المَلِك: لقد أسْرَع إليكَ الشَّيْبُ! ويَحْيَى بن الحَكَم في المَجْلِسِ، فقال له يَحْيَى: وما يمنَعُه يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، شَيَّبَهُ أمَانِيَ أهْلِ العِرَاق، كُلَّ عام يَقْدم عليه منهم رَكْبٌ يُمَنُّونَهُ الخِلَافَة، فأقْبَلَ عليه الحَسَنُ بن الحَسَن فقال: بئسَ واللَّه الرِّفْدُ رَفَدْتَ! وليس كما قُلْتَ؛ ولكنَّا أهْلَ بيتٍ (b) يُسْرِع إلينا الشَّيْبُ، وعَبْد المَلِك يَسْمَعُ، فأقْبَل عليه عَبْد المَلِك فقال: هَلُمَّ ما قَدِمْتَ له، فأخْبره بقول الحَجَّاج، فقال: ليس ذلك له، اكْتُبُوا له كِتَابًا لا يُجاوِزهُ (c)، فوصَلَهُ، وكَتَبَ له. فلمَّا خَرَجَ من عنده، لقيَهُ يَحْيَى بن الحَكَم، فعاتَبَهُ الحَسَنُ على سُوءِ مَحْضَره، وقال: ما هذا بالَّذي (d) وَعَدْتَني، فقال له يَحْيَى: إيْهًا عنكَ، واللَّه لا يَزَالُ يَهَابُكَ، ولولا هَيْبَتُهُ إيَّاكَ ما قَضَى لكَ حاجةً، وما ألُوْتُكَ رِفْدًا.

قال الحافِظُ (١): أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الكَريم بن حَمْزَة، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن عليّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن عُمَر بن حَفْص الحَمَّامِيّ المُقْرِئ، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر أحْمَد بن سَلْمَان بن الحَسَن الفَقِيه، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ


(a) الزبيري: مركبه.
(b) الزبيري: أهل البيت.
(c) في الأصل: لا يجاوره.
(d) الزبيري وابن عساكر: الذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>