للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَب، وعاد إلى مِصْر في شُهُور سَنَة إحْدَى وأرْبَعين وأرْبَعِمائة وفي ذلك يقُول مَنْصُور بن تَمِيْم بن الزَّنْكَل من قَصِيدةٍ يَذْكُرُ فيها ما لبني كِلَاب من الوَقَائِع والمآثِر (١): [من الطويل]

ألَيْسَ هُمُ ردُّوا ابنَ حَمْدَان عَنْوَةً … على عقْبِهِ لا يَتَّقُونَ العَوَاقِبا

وَجَاءَ ابن كِلِّيْد بكَيْدٍ وقُوَّةٍ … فكِدْنَاهُ كَيْدًا لم نُمَهِّلهُ ثَاقِبَا

غَدَا مُوْقِدًا نارًا فأمْسَى وقُوْدَها … وباتَ لكأسِ الحَتْف بالبَغْي شَارِبَا

ولقى مُقَلَّد بن كَامِل جَعْفَر بن كِلِّيْد بكَفَرْ طَاب ففَتَلَهُ، وقد ذَكَرنا ذلك في تَرْجَمَةِ جَعْفَر (٢).

نَقَلْتُ من تاريخ أبي الحَسَن عليّ بن مُرْشِد بن عليّ بن مُنْقِذ بخَطِّه: سَنَة ستِّين وأرْبَعِمائة، وفيها وثَبَ ناصِرُ الدَّوْلَة الحَسَن بن الحُسَين بن الحَسَن ناصِر الدَّوْلَة ابن عَبْد اللَّه بن حَمْدَان، وجَمَاعَةُ قُوَّادِ الأتْرَاك بمِصْر وحَصَرُوا المُسْتَنْصِر. حَدَّثني أبي، قال: نظَرَ نَاصِرُ الدَّوْلَة ابن حَمْدَان إلى أخيهِ المُهَذَّب، وقد وَفَر له وَفْرةً من شَعره، فقال له: يا مُهَذَّب، نحنُ قَوْمٌ خَوَارِج عَرَب، أينَ أنْتَ وهذا الشَّعرُ الّذي قد تَرَكْتَهُ!؟ فقال له المُهَذَّبُ: يا مَوْلَانا، نحنُ قَوْمٌ خَوَارِجُ، وقَلَّما ماتَ الخَارِجِيّ إلَّا مَقْتُولًا فيكُون حَمْل المَقْتُول بشَعَره المَضْفُور خَيْرٌ من أنْ يُخْرق شِدْقُهُ ويُحْمَل به أو بلِحْيَته. فقال ناصِرُ الدَّوْلَة: ذَخِيْرَة سَوءٍ ليَوْم مَيْشُوم (٣). قال: فحَدَّثَني جَمَاعَةٌ بعد ذلك أنَّهم رَأوا نَاصِر الدَّوْلَة حين قُتِلَ والمُهَذَّب في جَمَاعَة الأُمَرَاءِ، ورَأس المُهَذَّب مَحْمُول بدَبُّوقَته المَضْفُورة، وناصِر الدَّوْلَة قد ثُقِبَ شِدْقُهُ، وقد حُمِلَ بهِ.


(١) البيت الأول وبيت آخر في زبدة الحلب ١: ٢٣٩.
(٢) في الضائع من أجزاء الكتاب.
(٣) من كلام العوام، وصوابه: مشئوم. انظر الصفدي: تصحيح التصحيف ٥٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>