كَتَبَ عنهُ الحافِظ أبو القَاسِم ابن عَسَاكِر، والحافِظ أبو المَوَاهِب الحَسَن بن صَصْرَى، والعِمَاد أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الأصْبَهَانِيّ.
رَوَى لنا عنْهُ شَيئًا من الشِّعْر أبو مُحَمَّد المُعَافَى بن إسْمَاعِيْل بن الحَدَوْس، والفَقِيه أبو مُحَمَّد إسْمَاعِيْل بن هِبَةِ اللَّه بن بَاطِيْش.
وقَدِمَ الشَّامَ سَنَة إحْدَى وثَلاثين وخَمْسمائَة، وعَقَدَ بها مَجْلِسَ الوَعْظ، وعاد إلى شَاتَان، ثُمَّ انْتَقَلَ إلى المَوْصِل وسَكَنَها مُدَّةً، وسَيَّرَهُ أتَابِك زَنْكِي بن آقْ سُنْقُر، وكان صاحب المَوْصِل، رَسُولًا منه إلى دار الخِلَافَة، وإلى عدَّة أطْرَاف مِرَارًا مُتَعدِّدةً، وأقْبل عليه الوَزِير أبو المُظَفَّر يَحْيَى بن هُبَيْرَة، وأكْرَمَهُ، ومَدَحَ الوَزِير بقَصِيدَةٍ حَسَنةٍ، وكان بالمَوْصِل في كَنَف الوَزِير جَمال الدِّين مُحَمَّد بن عليّ، وَجِيْهًا عندَهُ، وتولَّى البِيْمَارِسْتان بالمَوْصِل، وتصرَّف في وَقْفه، فلمَّا نُكِبَ الوَزِير جَمال الدِّين، اخْتَلَّ أمْرُه فارْتَحل إلى الشَّام، وقَدِمَ حَلَب، وأقامَ بها مُدَّةً يَغْشَى القَاضِي مُحْيى الدِّين أبا حَامِد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الشَّهْرَزُورِيّ الحاكمِ بها يَوْمئذٍ.
ثُمَّ انْتَقَلَ إلى دِمَشْقِ، وأكْرَمَهُ المَلِكُ العادِل نُور الدِّين مَحمُود بن زَنْكِي، وجَعَل له مَعْلُومًا من البرِّ، وكان يَغْشَى بها قاضِي القُضَاةِ كَمَال الدِّين أبا الفَضْل مُحَمَّد بن عَبْد اللَّه بن الشَّهْرَزُورِيّ، ولم يَزَل كذلك حتَّى ماتَ نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، فقَطَعَ وَزِيرُهُ أبو صالح عبدُ الرَّحيم بن عبد الرَّحْمن بن الحَسَن بن العَجَمِيِّ مَعْلُومَه فهَجَاهُ، وقصَدَ المَلِكَ النَّاصِر صَلاحِ الدِّين يُوسُف بن أيُّوب ومَدَحَهُ، فنَفَقَ عليه، وأكْرَمَهُ، وزَادَ في إكْرَامِه وبرِّه، ثمّ رجع إلى المَوْصِل، وحدَّث بشيءٍ يسَيْر من مَسْمُوعَاته، وكان بينَهُ وبين العِمَاد الكَاتِب مَوَدَّةً أكيْدَة، ومُؤَانَسَةً، ومُكَاتَبةٌ بالشِّعْر والنَّثْر.
قال لي الفَقِيه عِمَاد الدِّين إسْمَاعِيْل بن بَاطِيْش: إنَّ مَوْلد العَلَم الشَّاتَانِيّ في سَنَة خَمْس عَشرة وخَمْسِمائَة.