السُّلْطان، فوقَف بين يَدَي السُّلْطان فأمَرَهُ بالجُلُوس، فقال: معي خدْمةٌ، فأمَرَهُ بالإنْشَاد، فابْتَدأ وقال:[من السريع]
ما للصَّدى إلَّا لديك انْتِقَاعْ … مَلَّكَكَ اللَّهُ جَمِيْع البِقَاعْ
وذَكَرَ قَصِيدَةً طَوِيلَةً على هذه القَافِيَة يمدَحُه فيها، قال: فتَبَرَّم العَلَمُ، وجَعَل يَكْظم غَيْظه، والسُّلْطان قد اسْتَغرق في الضَّحك وجَعَل يَسْتَتر في البُرْج (a) المَنْصُوب في الخَيْمَة عن العَلَم، ويَجْتَهدُ أنْ لا يَرَاه، وأهْل المَجْلِس منهم مَنْ خَرَج إلى خارج الخَيْمَة، ومنهم مَنْ جَعَل يَضْحَكُ ويُخْفِي ذلك جُهْدَهُ، فلمَّا فَرَغ من الإنْشَادِ، جَلَس إلى جانب العَلَم وسَكَت سَاعةً، ثمّ الْتَفَتَ إليه وقال له: يا مَوْلَانا عَلَم الدِّين، قال اللَّهُ تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (١٠٥) فَيَذَرُهَا قَاعًا} (١)، يا عَلَم الدِّين، قاع على أيّ شيءٍ انْتَصَبَ؟ فصَاحَ فيه، وقال: على كذَا وكَذَا من عِيَالك، وشَتَمهُ شَتْمًا قَبِيْحًا.
أخْبَرَني عِزّ الدِّين أبو الحَسَن عليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الكَريم الجَزَرِيّ (٢)، قال: كان العَلَم الشَّاتَانِيّ طَرِيفًا، وكان كَثِيْر المُخَالَطة لكَمَال الدِّين ابن الشَّهْرَزُورِيّ، وكان يُدَاعبُه كَمَال الدَّين، فَحَضَر يَومًا عنده وسَبَّ الإسْمَاعيليَّة وكَفَّرَهُمِ وسَخَّفَ آراءَهُم، فسَيَّرَ كَمَال الدِّين رَجُلين من أصْحَابه ليُفَزِّعَاهُ، ونَزَلا عليه ليلًا، وجذَبَا عليه سِكِّيْنَتَيْن، وقالا له: نحنُ قد سَيَّرَنا سِنَانٌ (٣) إليكَ لنَقْتُلَكَ، وهو يَقُولُ لك: وَيْلك كَمْ تَتَجَرَّأ علينا وتَشْتِمُنا وتَتَسَمَّج في حَقِّنا؟ قال: فطَارَ عَقْلُهُ، وجَعَل يتَضَرَّعُ إليهما