للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَسْألهما أنْ لا يَقْتُلاه ويقُولُ: يُكْذَبُ عليَّ، وما قلتُ شيئًا، ومع هذا فأنا تائبٌ، ولا أعُودُ إلى شيءٍ من ذلك أبدًا، فقالا له بعد الجُهْد: فما يُمْكنُنا أنْ نَمْضي إليه إلَّا بعَلَامَةٍ أَمَرَنا بها ليَعْلَم أنَّنا وَصَلْنا إليك، وقَدَرْنا على قَتْلك، ولا بُدَّ من قُفْلٍ نَقْفِلُهُ على أُنْثَيَيْكَ، فقال لهما العَلمٌ: افْعَلا ما شِئْتُما، ولا تُبْطِئا عليَّ أكْثر من يوْمَيْن، فأخَذَا قُفْلًا وقَفَلَاهُ على أُنْثَيَيْهِ، ومَضَيَا.

فلهَّا أصْبَحَ، أرْسَل كَمَال الدِّين ابن الشَّهْرَزُورِيّ إلى العَلَم يَطْلبُه إليه، فاعْتَذَر عن الحُضُور وكَتَمه أمْره، وقال: قد طَلعَ لي دُمَّلٌ ولا سَبِيل لي إلى المجيّ إليكَ، فأرْسَل إليه: لا بُدَّ من حُضُوركَ، فاعْتَذَرَ، وقال: لا أُطِيْقُ، فأرْسَل إليه مِحَفَّةً، وقال: تَحْضُر في المحَفَّة، فُحمِلَ في مِحَفَّة، وأحْضر عند القَاضِي كَمَال الدِّين وهو على غايةٍ من الألم لأنَّ القُفْل يَنْحَدر على أنْثَييْهِ فيُؤلمُه، وهو بين فَخِذَيهِ لا يُطِيْقُ المَشْي منه، فقال: ما بكَ؟ فقال: دُمَّل، فقال: نَدْعُو لك طَبِيْبًا يَبْصرُكَ، فقال: لا حاجَة لي إليه، فألَحَّ كمال الدِّين عليه في إِحْضَار الطَّبِيْب فصَدَقَهُ الحالَ، وقال: إنَّهُ حَضَر عندي رَجُلان ليلًا وذَكرَ له ما جرَى عليه، فقال له كَمَال الدِّين كالجَاهِل بالقَضِيَّة: ألَم أنْهَكَ وأَقُلْ لك لا تَتعَرَّض لهم ولا تَذْكُرهم بسُوْءٍ؛ فإنَّكَ لا تَأْمَنُ غَائِلَتَهم، ثمّ قال له: فنحنُ نَسْتَدْعي رَئيْسَ البَاطِنِيَّة هَا هُنا ونَسْألهُ في أَمْرك، فقال: افْعَل، فأرْسَل إلى رَجُل من أصْحابهِ وأحْضَرَهُ على أنَّهُ رئيسُ البَاطِنِيَّة، وخَاطَبَهُ في مَعْناهُ، فقال: مِفْتاحُ القُفْل عندي وقد تَرَكَهُ عندي الرَّجُلان ومَضَيَا، فإنْ شَرَطْتَ عليه أنَّهُ لا يَعُودُ إلى ذِكْرنا بسوءٍ أطْلَقْناهُ، فشَرَطُوا عليه ذلك، وفُتحَ القُفْلُ وأُطْلِقَ. وكانت هذه من مُطَايَبَاتِ كَمَالِ الدِّين له.

سَمِعْتُ القَاضِي نَجْم الدِّين الحَسَن بن عَبْدِ اللَّه بن حَمْزَة بن أبي الحَجَّاج العَدَوِيَّ، قاضي حَلَب يَقُول: كان بدِمَشْق رَجُلٌ يُقال له البَدْر الأُرْمَوِيّ، وكان بينه وبين العَلَم الشَّاتَانِيّ شيءٌ، فحضَرا يَوْمًا ولِيْمَةً عند القَاضِي كَمَال الدِّين ابن الشَّهْرَزُورِيّ، وكان

<<  <  ج: ص:  >  >>