للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَرَأتُ بِخَطِّ أبي عَمْرو عُثْمان بن عَبْد الله الطَّرَسُوسِيّ، في كتاب سِيَر الثُّغُور (١)، وَضَعه للوَزِير أبي الفَضْل جَعْفَر بن الفَضْل، فذكَرَ فيه صِفَة طَرَسُوس، فقال: مُدَّت طَرَسُوس على سُوْرَين، في كُلِّ سُور منها خَمْسة أبْوَاب حديد، فأبواب السُّور المُحيط بها حديد مُلبس، وأبْواب السُّور المُتَّصِل بالخَنْدَق حديد مُصْمَت، فالسُّور الأوَّل الّذي يلي المَدِينَة مُشَرَّف تعلُوه ثمانية آلاف شُرَّافَة، منها مُرتَّبة عند الحاجةِ إلى الحَرْب عنها رجال يرمُونَ عن ستّة عشر ألف قوسٍ رَمْيَة رجُل واحدٍ، وفي هذا السُّور من الأبْراج مائةُ بُرْج سواء، منها ثلاثة أبْرِجَةٍ للمَجَانِيْق الحرري (٢)، وعشرون بُرجًا للمَجَانِيْق الكِبَار، وعشرون بُرْجًا للعَرَّادَات (٣)، وسَائرها لقِسِيّ الرِّجْل (٤)، وهذه الأبْرِجَة الّتي ذَكَرْناها فهي مِلْك لأرْبَابها، ومساكن لمتأهِّلين وعُزَّاب، وبعضُها مَرْسُوم بعَمَلِ الوَرَق والكَاغَد، وهو ممَّا يلي زاوية الحَبَّالين.


(١) كتاب سير الثغور من الكتب المفقودة التي لما تصلنا، والنصوص التي نقلها عنه ابن العديم طويلة وتشكل جزءًا كبيرًا من الكتاب باعتبار ملازمة مادته لغرض كتاب ابن العديم، بل إن ابن العديم لم يُغْفل إيراد مقدمة الكتاب كاملة، واسم مؤلفه كما ساقه ابن عساكر في تاريخه: أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن إبراهيم بن محمد الكرجي العجلي الطرسوسي، توفي بحدود سنة ٤٠١ هـ، فعاصر حقبة الإعتداء الرومي على الثغور في منتصف القرن الرابع الهجري، وكان قبل ذلك من قطَّانها، فكشف لنا عن جوانب عديدة من حياة أهل الثغور الشامية والجزرية، وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية والعلمية وما يتصل بالعمران أو التخريب. وقد ترجم ابن العديم لمؤلف الكتاب، وضاعت ترجمته ضمن المفقود من أجزاء الكتاب، وذكره في الكنى وأحال على ترجمته.
أما الوزير الذي ألف الطرسوسي له الكتاب فهو جعفر بن الفضل بن الفرات المعروف بابن حنزابة (ت ٣٩١ هـ).
ونقل ابن شداد عن البغية بعض الذي أثبته ابن العديم من كتاب الطرسوسي، انظر: الأعلاق الخطيرة ١/ ٢: ٣٤، سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ١٨: ١٢٥.
(٢) كذا وردت ولم أهتد لمعرفة هذا النوع من المجانيق.
(٣) العَرَّادة: آلة حرب أصغر من المنجنيق ترمي بالحجارة المرمى البعيد. لسان العرب، مادة: عرد، دهمان: معجم الألفاظ التاريخية ١١٢.
(٤) قسي الرجل: واحدتها القوس، معروف، وهذا النوع من القسي يحملها المترجلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>