للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنِّي بأبْناءِ الخِلَافَة من بني العبَّاسِ على مُتُون الأفْرَاسِ يَسْتَنْجِدُونَ العَرَبَ وسَائِر النَّاس؛ قد غَلَبَهُم عَبِيْدٌ أغْتَامٌ (١) غَصَبُوهُم الكَرَامَةَ، فما يُجيْرُهُم أحَدٌ إلَّا هُم.

قال: وكان سَيْفُ الدَّوْلَة يَقُول: صَدَق أَمِيرُ المؤمنِيْن واللَّه، لقد اجْتَهَدْتُ بالمُتَّقِيّ وابنهِ أنْ يَرْكَبا العَمَارِيَّات والشَّهَارِيّ (a) علىِ كَثْرة ما قُدْتُ إليهما، فأَبَيا أنْ يُغَيِّرا فَرَسَيْهما أو ثَوْبَيْهما إلى المَوْصِل، فقام أبو مُحَمَّد الحَسَن بن عَبْد اللَّه بنُصْرَتهِ، فلَقيهُ نَاصِرُ الدَّولة.

قال: ولمَّا لَقَّبَ المُتَقِي الحَسَن بن عبْد اللَّه ناصِرَ الدَّوْلَة، قال الشَّاعرُ فيهِ: [من البسيط]

مَن كانَ شَرَّفَهُ فيما مَضَى لَقَبٌ … فنَاصِرُ الدِّينِ ممَّن شَرَّفَ اللَّقَبَا

دَعَوْكَ نَاصِرَهُمْ لمَّا نصَرْتَهُمُ … وأَعْجَزَ العُجْمَ ما حَاوَلْتَ والعَرَبَا

قال ابنُ خَالَوَيْه: قال لي الأَمِيرُ أبو فِرَاسٍ: سَمِعْتُ الأمِيرَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ يَقُول: أنْفَقَ أخي في مُدَّة أحَدَ عَشَر شَهْرًا اثْنَتين وسَبْعِين ألفَ ألفِ دِرْهَمٍ، أكْثَرُها من ذَخَائِره.

وقال أبو عَبْدِ اللَّه بن خَالَوَيْه: ولِم يَزَل -يعني ناصِر الدَّوْلَة- مَشْهُورًا بالبَأْس، مَوْصُوفًا بالشَّجَاعَة والإقْدَام، حدَّثني من سَمِعَهُ، قال: كُنْتُ مع أبي صَبِيًّا قد زَحَف إلينا عَمِّي الحُسَين ليستَقْيد من وَقْعَتنا كانت به، فطلَبْتُ من أبي جَوْشَنًا، فمنَعَني لصبَاي، وكان معنا ابنُ خال أبي مُحَمَّد عليّ بن دَاوُد بن وُهْزَاد الكُرْدِيّ، فقال لي: يا أبا مُحَمَّد، حُسَيْن حَمُوكَ، وهو الّذي تَعْرفُ وواللَّه لئن لَم يَرَ قِتَالك لأدْفَع


(a) الأصل: الشهاريات، وأصلحها المؤلف بالمثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>