للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يَكْتُب خَطًّا حَسَنًا، وكتَبَ الكَثِيْر بخَطِّه، وتَبعَ عليّ بن هِلَالٍ في طَرِيْقته، وأحْسَن أقْلَامه قَلَم النَّسْخ، ويقَع في خَطِّه نَوَادر أجَادَ فيها، وكان كَتَبَ على عُمَر الخَطَّاط ببَغْدَاد في صَدْر عُمره، وكان خَطُّه وهو ببَغْدَاد يَمِيْل إلى طَريْقَة البَغْدَاديِّيْن، فلمَّا قَدِمَ الشَّامَ وأقَامَ بحَلَب، جَادَ خَطُّه، وكَتَبَ على طَريْقَة ابن البَوَّاب لكَثْرة نَقْله خَطّه، وأجْوَد كتابتهِ ما كَتَبهُ بحَلَب، ثمّ إنَّهُ سَافَرَ إلى الدِّيَار المِصْرِيَّة فمالَت كتابتُه إلى طَريْقَة المِصْرِيِّين، وأقام بمِصْر إلى أنْ ماتَ بها، وكان لهُ شِعْرٌ لا بَأْسَ بهِ.

رَوَى عن أبي مَنْصُور بن الجَوَالِيْقِيّ، وأبي البَرَكَات عَبْد القَاهِر بن عليّ بن عَبْد اللَّه بن أبي جَرَادَة.

كَتَبَ عنهُ أبو البَرَكَات عَبْد القَاهِر بن عليّ بن أبي جَرَادَة الحَلَبِيّ بها، ورَوَى عنهُ شَيْخُنا أبو القَاسِم عبد الرَّحيم بن يُوسُف بن الطُّفَيْل.

سَمِعْتُ الشَّيْخ أبا الحَسَن عليّ بن أبي بَكْر الهَرَويّ يُسِيءُ الثَّنَاءَ على أبي عليّ الجُوَيْنِيّ، ويَصِفُهُ بقلَّة الدِّين، وحَكَى لنا عنه أنَّهُ كان يكتُب المُصْحَف ورُبَّما يكون حَاضِرًا عنده شَرَابٌ مُسْكرٌ، خَمْرٌ أو نَبِيْذ، فإذا نَشَفَت الدَّوَاة واحْتَاج إلى أنْ يَسْقِيها ألْقَى عليها من ذلك الشَّرَاب، هذا مَعْنَى ما سَمِعتُه منه، نَسْأل اللَّه التَّوْبَة والعِصْمَة.

وأخْبرَني أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل القِيْلَويّ (a)، قال: أخْبَرَني ظَهِيْرُ الدِّيْن أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد بن صَدَقَة، نائب الوِزَارَة كان ببَغْدَاد، قال: سَافَرْتُ مع أبي -يعني جَلَال الدِّين أبا الرِّضَا- لمَّا سَارَ رسُولًا عن الرَّاشِد إلى


(a) جوَّده في هذا الموضع بفتح القاف، والمعروف فيه الكسر. انظر: ياقوت: معجم البلدان ٤: ٤٣٣، الوافي بالوفيات ١٢: ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>