إنَّ اللَّه لمَّا أرادَ أنْ يَخْلقُ نَفْسَهُ، خَلَق الخَيْل فأجْرَاها حتَّى عَرِقَتْ، ثمّ خَلَق نَفْسَهُ من ذلك العَرَق! ممَّا لا يَجُوز أنْ يُرْوَى، ولا يَحِلُّ أنْ يُعتَقَد. وكان مَذْهَبُهُ مَذْهَب السَّالميَّة (١)؛ يقُول بالظَّاهِر ويَتَمسَّكُ بالأحادِيث الضَّعِيْفة، الّتي تُقَوِّي له رَأيَهُ. وحَدِيْثُ إجْرَاءِ الخيل مَوْضُوعٌ؛ وَضَعَهُ بعضُ الزَّنَادِقَة ليُشَنِّعَ به على أصْحَاب الحَدِيْث في رِوَايتهم المُسْتَحِيلَ، فيقْبَلَهُ بعضُ مَنْ لا عَقْل له، ورَوَاهُ، وهو ممَّا يُقْطَعُ ببُطْلَانِهِ شَرْعًا وعَقْلًا.
قال الحافظُ أبو القَاسِم (٢): سَمِعْتُ أبا الحَسَن عليّ بن أحْمَد بن مَنْصُور يَحْكي عن أَبِيهِ أبي العَبَّاس، ح.
وأنْبَأنَا به أبو القَاسِم عبد الصَّمَد بن مُحَمَّد، عن أبي الحَسَن، عن أَبِيهِ أبي العبَّاس، قال: لمَّا ظَهَر من أبي عليّ الأهْوَازِيّ الإكْثار من الرِّوَايَاتِ في القِرَاءَات، اتُّهِمَ في ذلك، فسَار أبو الحَسَن رَشَاءُ بن نَظِيف، وأبو القَاسِمِ بن الضَّرَّاب (a)، وابن القَمَّاح إلى العرَاق لكَشْف ما وَقعَ في نُفُوسِهم منه، ووصَلُوا إلى بغداد، وقَرَأوا على بعض الشّيُوخ الّذين رَوَى عنهُم الأهْوَازِيّ، وجَاؤُوا بالإجَازَات عنهم وبخُطُوطِهِمِ، فَمضَى الأهْوَازِيّ إليهم وسَألَهُمِ أنْ يُرُوهُ تلك الخُطُوط الّتي معهم، ففَعَلُوا ودفَعُوها إليه، فأخَذَهَا وغيَّر أسْماءَ منْ سَمَّى لتَسْتَتر دَعْوَاهُ، فعَادَتْ عليه بَرَكَةُ القُرآن فلَم يفتَضِح. هذا مَعْنى ما سَمعْتُهُ يقُول، وبَلَغَني عنه أنَّهُم سَألُوا عنه بعضَ المُقْرِئين الّذين ذكَرَ أنَّهُ قرأ عليهم وحَلَّوْهُ له، فقال: هذا الّذي تَذْكُرونه قد قرأ عليَّ جُزْءًا أو نَحْوه.
(a) كذا مجوّدًا في الأصل، وفي كتاب ابن عساكر: الفرات.