للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْبَأنَا أبو هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْل بن عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ، عن أبي سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحمَّد السَّمْعانيّ، قال (١): سَمِعْتُ أبا عليّ الحَسَن بن مَسْعُود الوَزِير الدِّمَشْقِيّ الحَافِظ يقُول: كان المشايخ يقُولونَ: زينَةُ الإسْلام ثلاثة: التَّرَاويح بمَكَّةَ؛ فإنَّهُم يطوفُونَ سَبْعًا بين كُلِّ ترويحتَين، ويوم الجُمُعَة بجامِع المَنْصُور؛ لكثرة النَّاس والزَّحْمَة ونَصْب الأسْوَاق، ويوم العيد بطَرَسُوس؛ لأنَّها ثَغْرٌ وأهلُهَا يَتَزَيَّنُونَ ويَخْرجُون بالأسْلِحَةِ الكَثِيْرة المَلِيْحَةِ والخَيْل الحِسَان، ليَصل الخَبَر إلى الكُفَّار فلا يَرغَبُونَ في قتالِهم.

قَرَأتُ بِخَطِّ أبي عَمْرو الطَّرَسُوسِيّ، وذكَرهُ بإسْنَاده إلى وُرَيْزَة بن مُحمَّد بن وُرَيْزَة الغَسَّانِيّ، قال: حَدَّثَني الحَارِث بن هَمَّام، قال: سَمِعْتُ أبي يَقُول: اسْتَوصف الحَجَّاجُ ابن القِرِّيَّة البَصْرَة والكُوفَة ووَاسِط فوَصَفَها، ثمّ اسْتَوصَف منه الشَّام، فقال: الشَّام عَرُوسٌ بين نِسْوَةٍ جُلُوس (٢).

قال أبو عَمْرو القَاضِي: قلت أنا: وابن القِرِّيَّة نَعَتَ الشَّام وليسَ للمُسْلمين يَوْمئذٍ طَرَسُوس، فأمَّا منذ ملَّكَهم الله إيَّاها، وجَعَل خُطبَة خُلَفاء دينهِ على مَنابرها، ونصبَها قُبَّة للجِهادِ، ومَلجأً وعَلَمًا لأولئك الأخْيار البَرَرة، فما اخْتَلَف اثنان سَلَكا عَمَائِر الإسْلام، وَجَابا أُفْقَها، أنَّ مُدُنَ الشَّام كالنِّسْوَة الجُلُوس، وأنّ طَرَسُوس تَلْمَع بينها بِمَنْزلة العَرُوس.


(١) السمعاني، الأنساب ٩: ٦٥، وانظره أيضًا عند: التنوخي: نشوار المحاضرة ٥: ١٧٢.
(٢) انظر خبر الحجاج مع ابن القِرِّيَّة بطوله عند: ابن الفقيه: كتاب البلدان ١٤٤، وفيه زيادة: "عروس في نسوة جلوس؛ كلُّهن يُزِفْنها ويرفدنها"، ابن خلكان: وفيات الأعيان ١: ٢٥٢ - ٢٥٤، اليافعي: مرآة الجنان ١: ١٣٨ - ١٣٩، الصفدي: الوافي بالوفيات ١٠: ٤١ - ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>