شَاهَدْتُ في جُزءٍ بخَطِّ أبي المَكَارِم مُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن أحمد بن أبي جَرَادَة أثْبَت [فيه] (a) ذِكْر جَمَاعَة من شُيُوخ حَلَب وحَالهم، قال: الشَّيْخان الفَقِيهَان أبو مُحَمَّد طَاهِر وأبو عَبْد اللَّه الحُسَين، فذَكَر مَوْلد طَاهر ووَفَاته، ثُمَّ قال: ومَوْلد أخيهِ الحُسَين في سَنَة ثمانٍ وأرْبَعين وأرْبَعِمائة، وتُوفِّيَ يَوْم عَرفَة سَنَة أرْبَعٍ وثَلاثين وخَمْسِمائَة، رَوَيا عن الفَقِيه أبي حَامِد التَّفْلِيْسِيّ وغيره، ولهما رِحْلةٌ إلى مِصْر، ولَقِيَا جَمَاعَةً من العُلَمَاء بها وبغَيْرها.
هكذا وقَعَ بخَطِّ أبي المَكَارِم: عن الفَقِيه أبي حَامِد التَّفْلِيْسِيّ! وهو وَهْمٌ، وإنَّما هو أبو أحْمَد حَامِد بن يُوسُف، وذَكَرَهُ في عدَّة مَواضِع في هذا الجُزء على الوَهْم، وكأنَّهُ علَّق الجُزء من خَاطِره لبعض المُحَدِّثِيْن بدِمشْق، فوَهم في كُنْيَة التَّفْلِيْسِيّ، ولم يَعْرف اسْمه، واشْتَبه عليه اسم أبيْهِ بكُنْيَتهِ، واللَّهُ أعْلَمُ.
بَلَغَني أنَّ خُتْلغُ آبَه أميرَ حَلَب اعْتَقَل الشَّيْخ أبا عَبْد اللَّه ابن العَجَمِيّ وابن أخيهِ أبا طَالِب عبد الرَّحْمن بن الحَسَن بن عبد الرَّحْمن بقَلْعَة حَلَب، بِسعَايَة بعض الشِّيْعَة بحَلَب، ونقلُوا إليه عنهما أنَّ المجَنّ الفُوْعِيّ أوْدعَ عندهمُا وَدِيْعَة، وكان خُتْلغُ [آبَه] قد تَتَّبع جَمَاعَةً من الحَلَبِيِّيْن وصادِرْهَم ظُلمًا وعُدْوَانًا، وكان الشَّيْخ أبو عَبْد اللَّه لا يَأكُل طَعَامًا إلَّا بمِلْح يُقَدِّمُهُ على طَعَامهِ، عَمَلًا بالسُّنَّة، قالوا: فثُقِبَت كِعَاب الشَّيْخ أبي طَالِب ابن أخيه، وأحْضَر في ذلك اليَوْم لهما طَعَام، فقال الشَّيْخ أبو عَبْد اللَّه لغُلَامه: ما أتَيْتَني بمِلْحٍ؟ فقال: لا، فامْتَنع عن الأكْل إلى أنْ يأتيه بالملْح، فقال له ابنُ أخيه أبو طَالِب: ما يَشْغَلكَ ما نحنُ فيه عن طَلَب المِلْح في هذا الوَقْت؟! فقال له أبو عَبْد اللَّه: ما بَقيْتُ أقْعُدُ عندَكَ، ولَبِسَ ثَوْبهُ وردَاءَهُ وجلَسَ! قالوا: فضَحِكَ أبو طَالِب وقال: إنْ تَرَكُوكَ!