وفي الدُّجَي يَسْرُون للتِّصْبَاح … سريةً في الرُّوم لاجتيَاح
وللثَّواب والغِنَى والرَّيْش … يَرْجُون خُلْدًا في لذيذِ العَيْش
ليسُوا بأطْيَاشٍ غداة الهَيْش … إذا اغْتَدَوا كانُوا أمَام الجَيْش
تراهُمُ صَبِيْحَة المغَارِ … كالأُسْدِ في أشْبَالِها الضَّوَاري
على الجيادِ العُرْبُ والشَّهَاري … كأنّها العِقْبَانُ في البَرَارِي
من كُلّ طَرفٍ مارِح لَدَى العَمَل … أَعَرّ كالبَدْر تدَلَّى ما أَفَل
مُحَجّلٌ أرْجُله جَمّ الكَفَل … مَا هَاب يَوْمًا في الوَغَى لَمْحَ الأَسَل
فهُم يَحُلُّون بها الدِّيَارا … ويَقْتُلونَ عندَها الكُفَّارا
ويَسْتَبُونَ الخُرَّدَ الأبْكَارَا … ويَحْتَوُونَ المَالَ والأُسَارَي
قد صُفِّدوا في السَّير في وثاق … وضُمَّت الأيْدِي إلى التَّرَاقي
لخَشْيَةِ الفِرَار والإبَاق … وتلكُم الجَوار في اسْتِبَاق
يُسَقْنَ كالأغْنَام في الشَّغافِ … يُحَزْنَ بالرِّمَاح وَالقذَافِ
حَوْزَ الرُّعاة الشَّاءَ في الفَيافي … كم فيهمُ من ظبيةٍ ذلافِ
يمنَعُها من مَشْيَها سحج الرَّبَل … وثقْل ردفٍ مَائِل لها عَدَل
وأنَّها ذات دَلالٍ وخَجَل … لَو حسَّها الرَّاهِبُ يَوْمًا لنَزَل
والقَسُ لو أبصَرَها لَمَا صَبَر … وقَبَّلَ الرِّجْلَيْن منها واعْتَذر
تَبْكي بعَيْن ذَات غُنْج وحَوَر … وتَلْطِم الوَجْهَ المُنِيْرَ كالقَمَر
أبْيَض يَعْلُوه كلَون الخَمْر … نَعَمْ وفي الصَّدر الوضيءِ تَفْري
باللكم والخَمْش ونَتْفِ الشَّعر … من حَالكٍ قد حَلّ عند الخَصْرِ
وكُلّ ما يَبْدُو لها مَليْحُ … إذا احْتَوَاها المَرْءُ يَسْتَريحُ
دَعْ ذِكْرها فذِكْرُها قَبِيْح … على الفَتَى وخُذْ بما تَبُوح