للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطَافَتْ بذَاك القَاعِ وَلْهَى فصَادَفَتْ … سِبَاعَ الفَلَا يَنْهَشْنَهُ أيَّما نَهْشِ

بأوْجَعَ منِّي يَوْم طلَّتْ (a) أنَامِلٌ … تُودَّعُني بالدُّرّ من شَبَكِ النَّقْشِ

وأجْمَالهُم (b) تُحْدَى وقد خَيَّل الهَوَى … كأنَّ مَطَايَاهُم على نَاظِري تَمْشِي

وأعْجَب ما في الأمْر أنِّي عِشْتُ بَعْدَهُم … على أنَّهُم ما خَلَّفُوا فيَّ من بَطْشِ

قَرَأتُ في بَعْض الفَوَائِد أنَّ الوَزِير أبو القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن المَغْرِبيّ أَرِقَ ذاتَ ليلَةٍ أَرَقًا شَدِيْدًا، فإن لا يَزْدَادُ إلَّا قَلَقًا ولا يَزْدَادُ اللَّيْل إلَّا طُولًا، فقال لبَعْضِ نُدَمَائهِ: أيّ شيء تَعْرف من الشِّعْر في طُوْل اللَّيْل والسَّير والقَلَق؟ فقال: قَوْل بَشَّار بن بُرْدٍ (١): [من الوافر]

جَفَتْ عَيْنِي عن التَّغْمِيْض حتَّى … كأنَّ جُفُونَها عنها قِصَارُ

أقُولُ ولَيْلَتي تَزْدَادُ طُوْلًا … أمَا للَّيْلِ عندَكُم (c) نَهَارُ

فقال: صَدَقْتَ وأحْسَنْتَ. ثمّ قال على البَدِيْهِ (٢): [من البسيط]

عَهْدِي به وردَاءُ الوَصْل يَجْمَعُنا … واللَّيْلُ أطوَلُهُ كاللَّمْحِ بالبَصَرِ

فالآن لَيْليَ مُذْ غابُوا فَديْتُهُمُ … لَيْلُ الضَّرِيْر وصُبْحِي غيرُ مُنْتَظَرِ

نَقَلْتُ من خَطِّ جَلَال الدَّوْلَة أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عليّ بن عَبَّاد الكَاتِب المِصْرِيّ في شكّةٍ له ما صُوْرتُه: رَأيْتُ في بَعْضِ تَعَالِيْق الوَزِير أبي القَاسِم بن المَغْرِبيّ أبْيَاتًا كَتَبَ بها إلى إلْفٍ له في بَعْضِ الأغْرَاضِ، وشَفَعَها بأبياتٍ أُخْرى وَقَعَتْ منِّي مَوْقِفَ (d) الاسْتِطْرَاف والاسْتِظْرَاف، ونَافَسْتُ نَفْسِي في الانْفرَادِ بها عن حَضْرته


(a) الديوان: ظلت.
(b) الأصل: وأحمالهم، والمثبت من الديوان.
(c) الديوان: بعدهم.
(d) كذا في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>