للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَاليةِ، والاسْتِئْثار بها دُونها، فأثْبَتُها، وهي (١): [من الكامل]

يا مَن لقَلْبٍ هَائِم لَم يَسْتَطِعْ … ذِكْرَ اسْمِ مَنْ يَهْوَاهُ من إشْفَاقهِ

ولعَاشِقٍ غَلَبَتْ عليه خَجْلَةٌ … فكأنَّهُ المَعْشُوقُ في إطْرَاقهِ

يَنْهَى عن البَثِّ المُرِيْح لِسَانَهُ … فيَمُوتُ مَطْوِيًّا على أشْوَاقِهِ

سَمِعَ الغِنَاءَ فردَّ سَيْلَ دُمُوعِهِ … من بَعْد ما ذَابَتْ على آمَاقِهِ

عَبَثٌ من الأشْوَاق لو هُزِّتْ بهِ … أعْطَافُ غُصْنٍ سُلَّ من أوْرَاقهِ

كَتَمَ الهَوَى من بَعْدما نَمَّتْ بهِ … ريًّا كَنَشْر الرَّوْضِ من أَخْلَاقهِ

وَلدى الهَوَى العُذْرِيِّ طيبُ شَمَائِلٍ … ما مثْلُها تَخْفَى على ذوَّاقِهِ

وأرَى اللِّقَاءَ مع الحياءَ مُقَابلًا … منِّي ومنهُ مِثْلُ بُعْدِ فِرَاقِهِ

أو جمعَ الشَّوْقُ المُبَرِّحُ طَالِبًا … ما بين مَرْكز دُمْلُجَيْهِ وسَاقِهِ

قال: وكان بينَهُ وبين الإلْف الّذي كَتَب هذه الأبْيَات إليه مُحَالَفةٌ لَطِيْفةٌ في الله عزَّ وجلَّ على مَذْهَب التَّصَوُّف، ثمّ اعْتَرَض الدَّهْر بينهما بقَدْحهِ بين القُرَناءِ، فخافا من اتِّصَال المُمَازجَةِ قَالَةَ الأعْدَاء، فصَرَم حَبْلَهُ، واسْتَبْقَى بذلك في البَاطِن وَصْلَهُ، واتَّفقَ أنْ ضَاق صَدْرُ ذلك الأَليْف عن هذه السِّيَاسَةِ فَاعْتَلَّ وماتَ، فقال يَرْثِيهِ ويُعَرِّض ببعض الأغْرَاض الّتي قَلَّ ما قيل في مثْلها (٢): [من الطويل]

لقد بُؤْتُ مِن دِيْن المُرُوءَةِ بالكُفْرِ … وأصْبَحْتُ أغْشَى صَفْحَةَ الغَدْرِ بالغَدْرِ

عصَيْتُ الهَوَى العُذْرِيَّ في هَجْرِ شَادِن … أضَعْتُ بهِجْرَاني لَهُ فُرْصَةَ الدَّهْرِ

نَمَى في جُحُورِ الملْكِ ثُمَّ ملكتُهُ … بظِلِّ شَبَاب حازَهُ لي وما أَدْري

فَقَيَّدَ فَتْكِي في هَوَاهُ إنَابَةٌ … إلى الله خَلَّتْ دَمْعهُ وَاكِفًا يَجْري


(١) ديوان الوزير المغربي ١٤٥.
(٢) ديوان الوزير المغربي ١٣٣ - ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>