للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَهْجُو أبا عليّ بن الرَّبيْع اليَهُودِيّ رَأس المَثِيْبَة (١) ببَغْدَاد، وكان يُلَقَّب بالبُقَيْرَة: [من المتقارب]

تَبَصَّرْ بُقَيْرَةَ آلِ الرَّبِيْعِ … عَدِمْتَ البَصِيْرةَ إثْرَ البَصَرْ

سَنَنْتُ لذَبْحِكَ مُوسى الهِجَاءِ … ومُوسَى الّذي سَنَّ ذَبْحَ البَقَرْ

قال لي أبو عليّ القِيْلَويّ: لُقِّبَ الأَمِين حُسَين في سِنْجَار بالبُقَيْرَة بقَوْله هذين البَيْتَيْن، فلا يُعْرَفُ بسِنْجَار إلَّا بالبُقَيْرَة.

أخْبَرَني شَمْس الدِّين عليّ بن الحُسَين بن دَبَابَة عن والدِه الحُسَين، قال: كان في أيَّام شَبَابهِ يَعْتَني بشيءٍ من الهَجْو، قال: فباتَ لَيْلَةً فرَأى أسَدًا عَظيْمًا قد أقْبل نحوه، قال: فخافَ خَوْفًا عَظيْمًا، قال: فقال له الأسَدُ: تَعُودُ تَهْجُو؟ فقال: لا، قال: فَتُبْ، قال: فَتَابَ عن الهَجْو من ذلك اليَوْم.

أنْشَدَني أبو الحَسَن بن الحُسَين بن دَبَابَة بسِنْجَار، قال: كَتَبَ إليَّ وَالدِي في كتابٍ هذا الشِّعْر لنَفْسِه: [من الطويل]

أرَاني أَرَى سِنْجَارَ لا دَرَّ دَرُّها … إذا ما أجَلْتُ الطَّرْفَ أرْضَ وَبَارِ

جِوَارِي بها شَرُّ الجِوَارِ فَعَلَّني … أرَاهَا وما أنْهَارُها بَجَوارِ

ولَيْتَ الحَيَا الوَكَّافَ لا جَادَ رَبْعَها … وشُبَّتْ مَغَانيها الغَدَاهَ بِنَارِ

فليْسَ بها مَنْ يُرْتَجى لمُلِمَّةٍ … ولَيْسَ بها يَوْمًا مُقِيْلُ عِثَارِ

أظَلُّ بها حِلْفَ الهُمُوم كأنَّما … سُقِيْت الرَّدَى فيها بكاسِ نَوَارِ


(١) رأس المثيبة: لفظةٌ يكثُر ذِكْرها في رحلة بنيامين التّطيليّ عند تعداد اليهود في الأقاليم التي زَارها، وفي تعليقات عزرا حداد (مترجم الرحلة) أنها لفظة آرمية تعني: المجلس، ويقابلها بالعبرية لفظة "يشيبه" وتطلق على المدارس الدينية العليا، وأن المدرسة كانت تسمى عند اليهود "مثيبتا" وعنها أخذ العرب لفظة المثيبة. انظر: رحلة التطيلي ٢٧٣ (هامش رقم ٢)، والملحقات ص ٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>