للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَدْتُ بخَطِّ الوَزِير أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن الحُسَين بن عليّ المَغْرِبىّ ما صُوْرته:

قَوْلٌ في النَّخْلةِ لجَدِّي أبي القَاسِم الحُسَين بن عليّ بن مُحَمَّد بن يُوسُف بن بَحْر بن بَهْرَام بن المَرْزُبَان بن مَاهَان بن بَاذَام بن بَلَاش بن فَيْرُوز بن يَزْدَجِرْد بن بَهْرَام جُوْر رَضِي اللهُ عنه:

فأمَّا ذَات الطُّول المَدِيد، والقَوَام بغير تَأْوِيد، المَخْصُوصَات بالطَّلْعِ النَّضِيْد، والمُزيَّنات بالسَّعَف والجَرِيْد، المَمْنُوحات عُمُومَة الأنْسَاب، البَاقِيَات على مُرُور الأحْقَابِ، المُطْعِمات في المَحْلِ أنْوَاع الرِّطَاب، فَبَدْو خَلْقها من التُّراب، وفيها مُعتَبرٌ لذَوي الألْبَابِ، تَبْدُو من نَوَاةٍ عَابِسَة، ضَئيلَةً يَابِسَة، ثُمَّ من خُوصَةٍ مَهِيْنَة، ضَعِيْفةٍ غير مَتِيْنة، حتَّى إذا برَزَتْ من الأرْض، وظَهَرت للهَوَاءِ المَحْض، ونَشَأت فيها صَنْعَة التَّلْوين، بتَقْدِير ذي القُوَّة المَتِيْن، نَهَضَتْ نُهُوضَ المُسْرِع الحَثِيْث، وعُدَّتْ من الوَدِيِّ والجَثِيْث (a)، ثمّ انْثَعَلَتْ بالكرَب، وأنْسَغَت بالقِلَب، وانْتَشَرَتْ بخَصْر (b) العَوَاهِن، وقَعَدَت في أزْكَى الأمَاكن.

ثُمَّ ألَمَّتْ وتَزَعْزَعَت، واهْتَجَنَت وأيْنَعَت، واشْتَمَلَتْ بمَلَاحفِ اللِّيْف، وسَهَّلَت سَبِيل مُمْتاحها بدَرْج الكَرَانيِفِ، وصَارَت من الصِّنْوَان وغَيْر الصِّنْوان، وظَهَرت في أحْسَن القَوَام والألْوَان، وأبْرَزَت طَلْعَها الهَضِيْم، فتَبَسَّم عن اللُّؤْلُؤ النَّظِيْم، وتَدَلَّت عَثَاكِيْل الإغْرِيْض، وشَمَارِيْخ الغَضِيْضِ، في العَرَاجِيْن المُخْضَرَّة، والأُهُنِ المُصْفَرَّة، فتَغَيَّر بالهَوَاء كَوْنُها، وحَالَ عن البَيَاض لَوْنُها، وَأجْنَتْ طَلْعَها غَضَّةً مَهْوَة، وبَذَلَتْها بَيْضاء مَعْوَة.


(a) كتب ابن العديم في الهامش: "هما الفَسيل".
(b) كذا في الأصلا مؤكدة بحرف الصاد أسفلها، والعواهن: السعافات التي في قلب النخلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>