للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشيْح اللَّوْلون، وعَمْق تِيزين، وصارَ بعضهم إلى حِمْصَ، ونَزَل بِطريق الجَرْجُومَة في جَمَاعَةٍ معهُ أَنْطَاكِيَة، ثمّ هَربَ إلى بلادِ الرُّوم، وقد كان بعضُ العُمَّال ألزَم الجُرَاجِمَة بأَنْطَاكِيَة جِزْيَةَ رُؤُوسهم، فرفَعُوا ذلك إلى الوَاثِق باللهِ، وهو خَليفَةٌ، فأمَرَ بإسْقَاطِها عنهم.

وحَدَّثَنِي بعض من أثِقُ به من الكُتَّاب، أنَّ أَمِير المُؤْمنين المُتَوكِّلَ على اللهِ أمَرَ بأخْذ الجِزْيَة من هؤلاء الجُرَاجِمَة، وأن تُجَرَي عليهم الأرْزَاق، إذ كانوا مِمَّن يُسْتَعَان به في المَسَالِح وغير ذلك.

ورَوَى (a) أبو الخَطّاب الأزدِيُّ أنَّ أهْلَ الجَرْجُومَة كانوا يَغْزُون (b) في أيام عَبْد المَلِك بن مَرْوَان على قُرى أَنْطَاكِيَة والعَمق، وإذا غَزت الصَّوائِفَ قَطَعُوا على المُتَخلِّف واللَّاحق ومَن قَدَرُوا عليه من فِي أَواخر العَسْكَر، وغَالوُا في المُسْلِمين، فأمرَ عَبْد المَلِك ففَرض لقَومٍ من أَهْل أَنْطَاكِيَة وأنباطها، جُعِلُوا مَسَالِح، وأردفت بهم عَسَاكر الصَّوائِفَ ليَذُبُّوا (c) الجُرَاجِمَة عن أواخرها، فَسُمُّوا الرَّوادِيف، وأجرى على كُلّ امرئٍ ثمانية دَنَانِيْر، والخَبَر الأوّل أثْبتُ (١).

فهذه أخبار الثُّغُور الشَّامِيَّة، فنَشْرعُ الآن في ذِكْر الثُّغُور الجَزَرِيَّة، وجَبَل اللُّكَام هو الفاصل بين الثُّغُور الشَّامِيَّة والثُّغُور الجَزَرِيَّة.

وقال أبو العبَّاس أحْمَد بن إبْرَاهيم الفَارِسّي الإصْطَخْرِيّ، في كتاب صِفَة الأقالِيم (٢): وقد جُمِعَت إلى الشَّام الثُّغُور الشَّامِيَّة، وبعضُ الثُّغُور يُعرفُ بثُغُور الجزيرَة، وكلاهما من الشَّام، وذلك أنَّ كُلَّ ما وراء الفُرات من الشَّام، وإنَّما


(a) فتوح البُلْدَان ٢٢١: وزعم.
(b) كذا في الأصل، ومثله أيضًا في إحدى نسخ الفتوح، وقد اعتمد المحققان القراءة الأخرى: يغيرون.
(c) فتوح البُلْدَان ٢٢١: ليؤذنوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>